قبيلة صنهاجة في المغرب العربي.. إرث تاريخي ودور حضاري بارز
أسماء صبحي – تعد قبيلة صنهاجة من أكبر وأشهر القبائل الأمازيغية في المغرب العربي. وقد لعبت دورًا محوريًا في صياغة التاريخ السياسي والاجتماعي للمنطقة. امتدت صنهاجة من جبال الأطلس إلى الصحراء الكبرى وأسست دولًا قوية مثل دولة المرابطين. وأسهمت في نشر الإسلام وتثبيت حضارته في المغرب والأندلس. وحتى اليوم لا تزال صنهاجة حاضرة في الهوية الثقافية لشمال إفريقيا.
أصل قبيلة صنهاجة وجذورها
تعود أصول صنهاجة إلى الأمازيغ الذين استوطنوا شمال إفريقيا منذ آلاف السنين. وتذكر المصادر التاريخية أن صنهاجة كانت قبيلة ضخمة تضم بطونًا عديدة، من بينها لمتونة، مسوفة وجدالة. وقد شكلت هذه البطون الركيزة الأساسية في التحالفات القبلية التي قادت لاحقًا إلى تأسيس واحدة من أعظم الدول الإسلامية في المغرب الكبير.
الدور السياسي والعسكري
برز دور صنهاجة بشكل خاص في القرن الحادي عشر الميلادي، عندما أسست دولة المرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين. فقد تمكنت القبيلة من توحيد المغرب الأقصى والمغرب الأوسط، قبل أن تمتد سلطتها إلى الأندلس. ويحسب لصنهاجة أنها لم تكن مجرد قوة عسكرية، بل قوة منظمة اعتمدت على الدين والفقه المالكي في إدارة شؤون الدولة.
قبيلة صنهاجة ونشر الإسلام
كان لصنهاجة دور كبير في نشر الإسلام وتعليمه، خاصة في مناطق الصحراء الكبرى وغرب إفريقيا. فقد أسسوا الرباطات والزوايا التي كانت مراكز للعلم والدعوة، إلى جانب كونها حصونًا عسكرية. ومن خلال هذه المراكز، وصل الإسلام إلى أعماق إفريقيا حيث ساهم المرابطون في نشر العقيدة وتوحيد القبائل تحت راية الإسلام.
الحضور الثقافي والاجتماعي
إلى جانب دورها السياسي والديني، تميزت صنهاجة بإرث ثقافي غني. فقد اشتهر أبناؤها بالفروسية والشجاعة. إلى جانب البراعة في التجارة الصحراوية، حيث كانوا يسيطرون على طرق القوافل الممتدة بين المغرب والسودان. كما أن بعض العادات والتقاليد الصنهاجية ما زالت حاضرة في الحياة اليومية لعدد من المجتمعات المغربية.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور عبد السلام العروي أستاذ التاريخ بجامعة محمد الخامس بالرباط: “قبيلة صنهاجة لم تكن مجرد تجمع قبلي بل شكلت نواة حضارية أسهمت في بناء إحدى أعظم الدول الإسلامية. كنا جعلها دورها في تأسيس المرابطين ونشر الإسلام في إفريقيا جزءًا أساسيًا من الذاكرة التاريخية للمغرب العربي”.



