تاريخ ومزارات

الملكة تيي: العقل المدبر خلف عرش الفراعنة

أسماء صبحي – في عصور المجد الذهبي للدولة الحديثة وتحديدًا خلال الأسرة الثامنة عشرة، برزت الملكة تيي كواحدة من أعظم نساء مصر الفرعونية ليس فقط كزوجة للفرعون الشهير أمنحتب الثالث، بل كصاحبة نفوذ قوي في الحياة السياسية والدينية. وكمستشارة موثوق بها لعبت دورًا محوريًا في صياغة السياسات الملكية.

ولدت تيي في بيئة غير ملكية، فوالدها “يويا” كان كاهنًا وموظفًا رفيع الشأن، ووالدتها “تويا” كانت تعمل في المعبد. ومع ذلك، تمكنت تيي بفضل ذكائها وثقافتها ومكانة عائلتها من أن تحظى بمكانة فريدة في القصر الملكي. فتزوجها أمنحتب الثالث في سن مبكرة ومنذ تلك اللحظة بدأت رحلتها نحو التأثير التاريخي.

نفوذ الملكة تيي

على عكس العديد من زوجات الفراعنة، ظهرت تيي في النقوش والتماثيل إلى جوار زوجها بنفس الحجم، وهو أمر غير معتاد في الفن المصري القديم، ما يعكس مكانتها السياسية المرموقة. بل وظهرت في بعض الأحيان وهي ترتدي التاج الملكي الكامل وهو دليل على شراكتها الحقيقية في الحكم.

وقد وثقت النقوش دور تيي في الشؤون الخارجية، حيث كانت تراسل ملوك الدول الكبرى آنذاك مثل ملوك الحيثيين وبلاد ما بين النهرين. مما يدل على أن صوتها كان مسموعًا في السياسة الدولية في وقت لم تكن فيه المرأة تُمنح هذا الدور بسهولة.

أم الفرعون المثير للجدل

لم تكن تيي مجرد زوجة لفرعون عظيم بل كانت والدة أمنحتب الرابع، الذي غير اسمه لاحقًا إلى أخناتون وفرض توحيد عبادة الإله آتون. ويرجح عدد من المؤرخين أن تيي أثرت على ابنها في توجهاته الدينية غير المألوفة. وربما كانت مؤمنة بضرورة إصلاح النظام الديني والسياسي وهو ما انعكس لاحقًا في فترة حكم أخناتون.

وعر على تماثيل ومجسمات ومجوهرات تحمل اسم تيي في عدة مواقع أثرية، من بينها معبد الأقصر ومقبرتها في وادي الملوك. والتي نقلت إليها لاحقًا بعد أن كانت مدفونة في مقبرة العمارنة. كما اكتشف العلماء مومياء يعتقد أنها تعود لها وهي محفوظة الآن في المتحف المصري الكبير.

وتقول الدكتورة “سلمى حسن”، أستاذة علم المصريات بجامعة القاهرة، إن الملكة تيي لم تكن مجرد ملكة بل كانت بمثابة العقل المدبر خلف واحدة من أكثر فترات مصر ازدهارًا وقوة. كما إن ذكاؤها السياسي وحنكتها الدينية جعلاها من أوائل النساء اللواتي تجاوزن دور الزوجة إلى صانعة قرار حقيقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى