تاريخ ومزارات

نابليون الأسود.. كل ما تريد معرفته عن الزعيم فرانسوا دومنيك توسانى لوتير؟

تحل هذه الأيام ذكرى ميلاد الجنرال فرانسوا دومينيك توسان لوفرتور، المعروف بلقب “نابليون الأسود” أو “نابليون الأفريقي”، إذ وُلد في مثل هذا الشهر من عام 1803م، وتعتبر لوفرتور قائد الثورة الهايتية، وهو من قاد ثورة الأفارقة في هايتي ضد الهيمنة الأوروبية إبان الاحتلال الفرنسي سنة 1797م، فقد مكنته عبقريته العسكرية وبراعته السياسية من تحويل مجتمع كامل من العبيد إلى دولة مستقلة عرفت لاحقًا باسم هايتي.

ثورة العبيد.. من الرماد إلى الدولة

تعتبر ثورة العبيد في هايتي إحدى أعظم الثورات في التاريخ، إذ اندلعت في المستعمرة الفرنسية سان دومينجو خلال الفترة الممتدة من أغسطس 1791 وحتى يناير 1804، ويجمع المؤرخون على أنها الثورة الوحيدة في التاريخ التي أدت إلى تأسيس دولة مستقلة نشأت من رحم العبودية.

ومن ثمار نجاح هذه الثورة أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أعلنت تخصيص يوم عالمي لإحياء ذكرى الاتجار بالرقيق الأسود وإلغائه، ويجري الاحتفال به منذ عام 1994، تكريمًا لنضال العبيد الهايتيين ومسيرتهم نحو الحرية.

ثورة مشتعلة في ظل الثورة الفرنسية

في عام 1791، وبينما كانت الثورة الفرنسية في أوج اشتعالها، انتفض الأفارقة في سان دومينجو ضد المستعمر الفرنسي. أحرقوا المدن والمزارع، وبرز من بين صفوفهم توسان لوفرتور الذي تولى زمام الأمور وأعاد بعض النظام للبلاد.

وفي غضون أسابيع قليلة، التحق قرابة 100 ألف عبد بالثورة. ومع تصاعد وتيرة العنف، قتل ما يقارب 4000 رجل أبيض، وتم إحراق وتدمير 180 مزرعة قصب سكر، بالإضافة إلى مئات من مزارع البن ونبتة الإنديجو.

تحوّل درامي في موازين القوى

وبحلول عام 1792، فرض العبيد سيطرتهم على نحو ثلث الجزيرة، ما دفع الجمعية التشريعية الجديدة في فرنسا إلى دق ناقوس الخطر.

ولحماية المصالح الاقتصادية الفرنسية، اضطرت الجمعية لمنح الملونين في المستعمرات حقوقًا مدنية وسياسية، في خطوة كانت تعكس مدى عمق التحوّل الناتج عن الثورة الهايتية.

نهاية الاستعمار وبداية الاستقلال

بعد أن تولى نابليون بونابرت السلطة في فرنسا سنة 1799، أرسل جيشًا إلى هايتي لإعادة السيطرة الاستعمارية، وألقي القبض على توسان لوفرتور، وأدع السجن ثم نقل إلى فرنسا.

غير أن الحمى الصفراء فتكت بجنود الجيش الفرنسي، مما مهد الطريق لانتصار الثوار في عام 1803.

وفي 1 يناير سنة 1804، أعلن الجنرال جان جاك ديسالين، أحد قادة الثورة، استقلال البلاد وتأسيس دولة جديدة حملت اسم “هايتي”.

وتشير التقديرات إلى أن هذه الثورة أسفرت عن مقتل 100 ألف من السود و24 ألفًا من البيض، لتظل إحدى أكثر الثورات دموية وتأثيرًا في التاريخ الإنساني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى