من قصور المجد إلى ظلال المنفى البارد.. كيف انتهت رحلة الملكة نازلي بالفقر والعزلة؟

في بداية الأربعينيات، خرجت الملكة نازلي، والدة الملك فاروق، من مصر متجهة نحو أوروبا، باحثة عن حياة بعيدة عن ثقل التاج وقيود القصر خلال توقفها في مارسيليا، التقت برياض غالي، الذي كان يعمل في القنصلية المصرية، وتولى مهمة مرافقتها، حيث تحولت هذه المهمة البسيطة إلى علاقة دائمة، وصار غالي رفيقها الدائم في تنقلاتها بين سويسرا وفرنسا وإنجلترا، حتى استقرا معا في الولايات المتحدة.
كيف انتهت رحلة الملكة نازلي بالفقر والعزلة؟
عندما طلبت منه وزارة الخارجية المصرية العودة، رفض الامتثال للأوامر، وتوقف عن الخدمة، لم تتردد نازلي في منحه وظيفة سكرتيرها الخاص، ومنحته راتبا كبيرا، مما زاد من ارتباطه بها وأكد مكانته في حياتها.
في عام 1947، أقامت نازلي في فيلا فاخرة ببيفرلي هيلز، حيث بدأت تفاصيل علاقتها برياض غالي تثير القلق والجدل، خاصة بعد تطور العلاقة بينه وبين الأميرة فتحية، ومع حلول مايو 1950، عقدت فتحية زواجا مدنيا من غالي في سان فرانسيسكو، ما أثار غضب الملك فاروق، الذي أمر بنشر تفاصيل القصة في الصحف، للتعبير عن رفضه لهذه العلاقة.
رد الملك فاروق جاء حاسما، إذ دعا مجلس البلاط إلى الانعقاد برئاسة الأمير محمد علي توفيق، وصدر القرار بتجريد نازلي وفتحية من ألقابهما الملكية، ومصادرة ممتلكاتهما داخل مصر، فانقطعت كل الروابط الرسمية التي كانت تربطهما بالعرش.
مع مرور الوقت، سلمت نازلي ثروتها إلى رياض غالي لإدارتها، لكنه فشل في الحفاظ عليها، فأضاع الأموال في استثمارات خاسرة، ورهن ممتلكاتها، حتى تراكمت الديون، وفي عام 1974، اضطرت نازلي إلى إعلان إفلاسها، وغادرت الحياة الثرية في بيفرلي هيلز إلى شقة صغيرة بحي ويست وود، أحد أكثر أحياء لوس أنجلوس فقرا.
علاقة فتحية بغالي تدهورت منذ عام 1965، لكن المأساة الكبرى وقعت في عام 1976، عندما أطلق النار عليها وأرداها قتيلة، ثم حاول إنهاء حياته بعد الجريمة مباشرة بعد تلك الفاجعة، عاشت الملكة نازلي في عزلة ووحدة، حتى وافتها المنية في التاسع والعشرين من مايو عام 1978، حيث أُقيمت مراسم تأبين لها في إحدى كنائس لوس أنجلوس.
تمثل حياة الملكة نازلي فصلا دراميا من تاريخ الأسرة المالكة، قصة جمعت بين المجد والتحدي، بين القصور والخراب، وانتهت في الظل بعد سنوات من الرفاهية، لتترك خلفها حكاية من الألم، تعكس صراع الإنسان مع اختياراته والقدر.



