المزيد

الشعبونية… احتفال شعبي يجمع العائلات ويحيي التراث في شهر شعبان

تعد بعض العادات الشعبية جزءاً أصيلاً من الموروثات الثقافية التي تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل. فمهما اختلفت تسمياتها من بلد إلى آخر، إلا أنها تشترك جميعاً في هدفها الأساسي. وهو تعزيز الروابط الأسرية ولم شمل العائلات خلال شهر شعبان، ليبقى هذا التقليد شاهداً على قيم التآخي وصلة الرحم التي تتمسك بها بعض المجتمعات أكثر من غيرها، لكنها تظل عادة متوارثة تحافظ على هويتها رغم مرور الزمن.

عادات شهر شعبان

في مدينة نابلس الفلسطينية، تبرز “الشعبونية” كتقليد مميز يضفي أجواءً اجتماعية فريدة. حيث يردد الأهالي عبارات مثل “شعبان جاكي بالهنا، هذا الذي يشفع لنا” و”الله يديمها من عادة، ولا يقطعها”، في إشارة إلى أهمية هذه العادة التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من ثقافة المدينة وتراثها العريق.

تنطلق فعاليات “الشعبونية” منذ بداية شهر شعبان وحتى نهايته. حيث يدعو كبير العائلة بناته وشقيقاته وبنات أعمامه وعماته وأطفالهن إلى بيت العائلة، لتقام الولائم التي تضم أشهى الأطعمة. وتقدم الحلويات المتنوعة مثل الكنافة، والقطايف، والمدلوقة، في أجواء مليئة بالبهجة والود. وتشارك النساء من أهل البيت في إعداد الأطعمة. كما يحرص بعض الضيوف على تقديم الهدايا لأصحاب الدعوة، تعبيراً عن الامتنان والتقدير.

لا يقتصر الأمر على الولائم فقط، بل يمتد ليشمل الغناء والاحتفال في بعض الأحيان، خاصة إذا تزامن التجمع مع مناسبة سعيدة مثل الخطوبة، حيث تستغل بعض الأمهات هذه الفرصة لاختيار العروس المناسبة لأبنائهن بعد أن يراقبن سلوكها وتعاملها مع الأهل والأقارب عن قرب، مما يجعل “الشعبونية” مناسبة اجتماعية لها أبعاد تتجاوز مجرد اللقاء العائلي.

ورغم أن نابلس تميزت بهذه العادة، إلا أن لها امتدادات في دول عربية أخرى، حيث تختلف المسميات لكن الفكرة تبقى واحدة. ففي مصر تعرف باسم “الموسم” وتتم عادة في منتصف شعبان. أما في لبنان فتحمل اسم “سيبانة رمضان”، بينما تسمى في سوريا بـ”تكريزة رمضان”. حيث يتم إعداد أشهى الأطعمة والحلويات وتوزيعها على الأهل والجيران فيما يعرف بـ”حسنة شعبان”.

أما في مكة المكرمة والمدينة المنورة، فتعرف هذه العادة باسم “الشعبنة”. بينما يطلق عليها في دول المغرب العربي مثل تونس والجزائر والمغرب “وليمة الشعبانية”. حيث يجتمع الأهل والأصدقاء في أجواء احتفالية مميزة.

وفي الكويت تحمل العادة اسماً مختلفاً تماماً، حيث تعرف بـ”يوم القريش”. وهو يوم مميز تتجمع فيه السيدات لإعداد الطعام، سواء في منزل كبير العائلة أو على شاطئ البحر. ويكون ذلك في آخر يوم من شعبان، ويردد الكويتيون مقولة مشهورة تعكس هذه العادة: “اليوم القريش وباكر نطوي الكريش”. في إشارة إلى الاستعداد لصيام شهر رمضان المبارك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى