“السيتولا” عند المصريون القدماء.. إناء مياه النيل المقدسة استخدم في الطقوس الدينية

أميرة جادو
تميزت الحضارة المصرية القديمة بفنونها الطقسية التي تعكس معتقداتها الدينية العميقة، ومن بين هذه الفنون يأتي إناء السيتولا كأحد أبرز رموز الاحتفالات الدينية.
يعتبر إناء السيتولا، المصنوع من البرونز المزخرف، تحفة فنية مميزة تجسد التداخل بين الحياة اليومية والروحانية في المعتقدات المصرية القديمة. كما أشار الباحث الأثري الدكتور حسين دقيل، المتخصص في الآثار اليونانية الرومانية، فإن هذا الإناء يعكس عمق الارتباط بين المصريين القدماء وطقوسهم الدينية.
تعرض النقوش الموجودة على السيتولا مشاهد مزدوجة تصور مكانة المتوفى في الحياة الآخرة وعلاقته بالآلهة وعائلته.
تصميم السيتولا ووظيفتها الطقسية
السيتولا، إناء طقسي فريد، كان يستخدم خلال الاحتفالات الدينية المرتبطة بالنيل ومياهه، التي اعتبرت رمزًا للحياة والخصوبة. يتميز هذا الإناء بتصميمه البرونزي المزخرف الذي يمزج بين الجمال الفني والدلالات الرمزية، مما يعكس عظمة الطقوس المرتبطة به.
المشاهد المصورة على السيتولا
الجانب الأول: العلاقة بين المتوفى وعائلته
يظهر المتوفى على أحد جوانب الإناء وهو يتلقى القرابين من أفراد عائلته. يظهر الابن البكر، أمنحتب، وهو يقدم البخور والماء لروح والده. يعكس هذا المشهد أهمية بر الأبناء بآبائهم واحترامهم، حتى بعد وفاتهم، في الثقافة المصرية القديمة.
الجانب الآخر: المتوفى والمعبودات
على الجانب الثاني، تصور مشاهد تقديم المتوفى للقرابين إلى المعبودات. يظهر الإله آمين، سيد الكرنك، جالسًا على كرسي، بجواره الكلب الأليف المدعو “نفر”. كما تظهر الآلهة أوزوريس، حورس بن إيزيس، وإيزيس، بملابس مزخرفة ومكسوة بالريش، يتلقون قرابين الخبز والخضروات واللحوم، مما يرمز إلى الاستمرارية بين الإنسان والآلهة.
العصر التاريخي والقيمة الثقافية
يرجع إناء السيتولا إلى العصر البطلمي (305-30 ق.م)، الذي شهد تداخلًا ثقافيًا بين الحضارتين المصرية واليونانية. يعكس تصميم الإناء التطور الحضاري والاحترام الذي أولاه المصريون القدماء للطبيعة والمعبودات.
مكان السيتولا الحالي
بالرغم من جذوره المصرية الأصيلة، يُعرض هذا الإناء الآن في متحف كليفلاند للفنون بالولايات المتحدة الأمريكية. يُعد واحدًا من أبرز القطع الأثرية التي تحكي قصة الحضارة المصرية القديمة.
يمثل إناء السيتولا شهادة بارزة على التكامل بين الفن والروحانية في الحضارة المصرية القديمة. تظهر النقوش والزخارف على الإناء أهمية الطقوس الدينية والمعتقدات التي جعلت من النيل رمزًا مقدسًا للحياة.
وجود السيتولا خارج مصر يبرز أهمية استعادة التراث المصري وعرضه في موطنه الأصلي، ليبقى شاهدًا على عظمة هذه الحضارة.