المزيد

“مسلة هليوبوليس” شاهدة على عبقرية الحضارة المصرية

كتبت شيماء طه

تُعتبر مسلة هليوبوليس واحدة من أعظم إنجازات الحضارة المصرية القديمة التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا، شاهدة على عبقرية العمارة والهندسة وتقف هذه المسلة شامخة في حي المطرية بالقاهرة، وهي الوحيدة المتبقية في موقعها الأصلي بمدينة هليوبوليس (أون)، التي كانت مركزًا دينيًا وثقافيًا مزدهرًا خلال العصور القديمة.

تاريخها وموقعها

تقع المسلة في منطقة المطرية، التي كانت تمثل قلب مدينة هليوبوليس، واحدة من أقدم المدن المصرية القديمة. يعود تاريخ المسلة إلى عصر الملك سنوسرت الأول من الأسرة الثانية عشرة (1971-1926 ق.م.)، الذي شيدها لتكون رمزًا لعبادة إله الشمس رع، إله هليوبوليس الرئيسي.

كانت المسلة جزءًا من معبد ضخم أُقيم لتكريم رع، حيث جسدت أشعة الشمس التي تربط بين السماء والأرض، ما يعكس البعد الديني والرمزي العميق لهذه الأعمدة الحجرية العملاقة.

الهندسة المعمارية للمسلة

الارتفاع : يبلغ طول مسلة هليوبوليس حوالي 20 مترًا.

الخامة : نُحتت المسلة من الجرانيت الوردي المستخرج من محاجر أسوان، وهو ما يعكس البراعة في اختيار المواد.

النقوش : زُينت المسلة بنقوش هيروغليفية تمجد الملك سنوسرت الأول، تسرد إنجازاته وعلاقته بالآلهة.

الوزن : تزن المسلة عشرات الأطنان، مما يُظهر عبقرية الفراعنة في تقنيات النحت والنقل.

الأهمية الدينية والسياسية

كانت المسلات رمزًا دينيًا يُقدَّم كقربان للآلهة، خاصة رع، ما جعلها جزءًا أساسيًا من الطقوس الدينية في المعابد.

وكانت المسلات تُستخدم لتوثيق إنجازات الملوك وتخليد ذكراهم وبالنسبة لمسلة هليوبوليس، فكانت بمثابة إعلان عن قوة المملكة الوسطى وإزدهارها خلال عهد سنوسرت الأول.

تُعد مسلة هليوبوليس واحدة من المسلات القليلة التي بقيت في موقعها الأصلي، حيث تعرضت المدينة المحيطة بها للإندثار بمرور الزمن وعلى الرغم من عوامل التآكل التي طالت النقوش وبعض أجزاء المسلة، إلا أنها لا تزال قائمة كشاهد حي على حضارة تجاوزت حدود الزمان والمكان.

أهميتها السياحية

تجذب المسلة السياح والباحثين من مختلف أنحاء العالم باعتبارها رمزًا فريدًا للحضارة المصرية القديمة وكما تُعتبر مقصدًا أثريًا بارزًا في منطقة المطرية، حيث يزورها المهتمون بالتاريخ والآثار للاطلاع على النقوش الهيروغليفية والتعرف على مدينة هليوبوليس القديمة.

ترميمها والمحافظة عليها

خضعت المسلة لعدة عمليات ترميم لضمان استقرارها الهيكلي والحفاظ على نقوشها الباقية.

وتُعد هذه الجهود جزءًا من خطة أكبر للحفاظ على التراث المصري القديم وإبرازه للأجيال القادمة.

تمثل مسلة هليوبوليس عبقرية المصريين القدماء في الجمع بين الفن والهندسة والدين. فهي ليست مجرد كتلة حجرية ضخمة، بل هي شاهد على التاريخ والعقيدة والابتكار الذي ميز الفراعنة.

مسلة هليوبوليس ليست فقط نصبًا أثريًا، بل هي رسالة خالدة من أجدادنا تحمل في طياتها عبقريتهم وإبداعهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى