قبائل و عائلات

قبائل مطروح”.. قهروا المستعمر الإنجليزى بمعركة وادى ماجد.. وذوقو مرارة الحياه على أرض صحراء مصر الغربية

عمر محمد

ذهب جدي عمر الله يرحمه الي سوق مدينة الحمام بمحافظة مطروح قبل بداية القرن الماضي قبل سنة 1900، ولم يكن السفر هذه المره للبيع او للشراء، كما تعود كل عام عند بيع اغنامه وابله وقعدانه وشراء بعض المؤن ومعدات الحرث والدراس والملابس من سوق الحمام، ولكن هذه الرحله حسب الحاج ناجى بوالمسمارية من عواقل قبيلة العشيبات، كانت للبحث عن حكيم لابنه عبدالقادر الذي سقط من علي فرسه يوم فرح جاره عثمان بو جفيله العشيبي.

وكسر ظهره وأصيب بشلل تام وحزن جدي عمر لمنظر ابنه البكري حزنا شديدا وتالم لآلمه وخاصة بعد انتشار قرح الفراش في جسده رغم فراش الصوف المنشوف الذي فرشوه له.

ولم يكن هناك اطباء وطب في ذلك الوقت فقط مايسمون الحكماء او الضرفاء جمع ضريف والذين ياتون الي سوق الحمام وكان لكل واحد منهم تخصص في الكسور و الاسنان والعيون والبطن والكي والخزام والخرت، وقد ذهب معه في رحلة البحث عن الحكيم ابن خالته جاب الله برغوث ونسيبه وخال اولاده الكبار عبدالقادر وحنيش وذهب معهم ايضا خاله وخال جيب الله برغوث احد افراد عائلة يادم بوسلطان بومعفس.

وكان لجدي ثلاث زوجات الكبيرة عشيبيه لعيت برغوث والثانيه قاسميه جميعيه اخت جده زعلوك وهي لها قصة نحكوها فقد استشهد اولادها الاثنين رواف ومحمود علي حجرها في الحقفه التي قتل علي بابها الجنرال سناو في حرب وادي ماجد صد الإنجليز الشهيرة وهي كانت من ضمن النساء اللائي كانن في الحقفه لمعالجة الجرحى ولصنع الطعام وتعبئة البنادق بالبارود ولم يتبقي لها اولاد ذكور وقد كف بصرها حزنا عليهم والثالثه مسماريه لعيت اسماعيل.

ويستكمل “بوالمسمارية” حديثة ل “مجلة صوت القبائل العربية” قال جدي عمر للحكيم انه علي استعداد لدفع كل امواله لشفاء ابنه وكان يعد من اثرياء الصحراء الغربيه واحد ثلاث اثرياء يسمون باسم عمر في الصحراء منهم عمر الظاهر، وعمر دابيل
وعادت القافله بالحكيم بعد تعب وعناء ومعه ادواته البسيطه وبعض الادويه والعطاره، وكانت جدتي سقاوه والدة عبدالقادر تقول انه معيون او اصابتة عين فقد كان اشقر بهي الطلعه ومن اوسم شباب عصره وانزههم وكان يوم الفرح يرتدي ملابس بيضاء وجرد جريدي وعنده فرس بيضاء اصيله وركابها فضه (فجره) وهي التي سقط من فوقها ولم تكن تعتقد بطب الحكماء ولاتصدقه وكانت تكتفي بالبخور وخرق عيون عروسه من التبن والقماش بالابر والمخايط.

وتقوم بصهر بعض الشبه لمعرفة من حسده، ومن قام بايذاءه وعندما دخل الحكيم الي خيمة عبدالقادر ونظر الي مكان الكسر واختبر بعض حركاته فهز راسه ونظر نظره الي الي الحاضرين فهموا جميعا معناها ومغذاها وخرج الحكيم ليغسل يديه وخرج وراءه الشايب مسرعا متلهفا وكان يتمني ان يسمع اي كلمه تعطيه املا لشفاء ابنه ولكن الحكيم وكان من اصول جزائريه ولايجيد تنميق الكلام ولا تزويقه.

رد برد وجواب قاسي علي سؤال الشايب عن مدي اصابة ابنه رد زلزل كيان الشايب قائلا له :” لوكان ابنك جملا لقلت لك انحره لا تتعب نفسك ياشيخ، وآحسن عزاك فيه الامر مجرد تكملة ايام”، ليتأثر الرجل والذى مزقت كلمات الطبيب قلبه، حيث مرارة الحياة في هذا الوقت وصعوبة حياة اجدادنا وما عانوه ومدي ارتباطهم بأرضهم ووجودهم قدما علي هذه الارض في صحراء مصر الغربية كوتهم بقسوتها وصعوبتها، وسيظلون عليها باذن الله وقد قدمو ارواحهم ودمائهم دفاعا عنها عندما جاءها الغزاه المستعمرين وبذلو الغالي والرخيص في سبيلها.

وقد توفي جدي عمر بعد وفاة ابنه بسنوات قليله حزنا عليه وقد رثاه جاره الرفافي الذي كان يعيش بجواره ومعه بعض الفقراء ويسمون ارفافيه الذين كانو يسكنون بجواره خصيصا ليحصلوا علي منايح ليحلبوها وجمال وجوابد يحرثو عليها وارض يزرعوها في آوان الحرث وقد كان جدي عمر ياتي لجاره بجرد وملابس ومؤنه كل عام من سوق الحمام، كزكاه، وبعد وفاته.
قال قضاره شهيره وحزينه عند دفنه وسفي التراب عليه قضاره لها اكثر من 120 عام.

#الجرد باد من يشريه ياعقاب الاجواد ياعمر )
والاجواد هم ملح الاوطان وان شاء مايخلا منهم مكان.
ويكمل “بوالمسمارية” هذا جزء من التاريخ لابد وأن يعرفه الشباب ليتصل ويترابط الماضي بالحاضر في اذهانهم وليعرفو ان لهم جذور عميقه وقديمه قدم التاريخ علي هذه الارض تقاس بمئات السنيين وخواطر قد يستفيد منهن البعض وقد يمر عليها البعض الاخر مرور الكرام ونحن كسكان الصحراء واهل الباديه لاتوجد عندنا كتابات تاريخيه ناخذ منها تاريخنا فقط، ولابد أن يعرفه بعض المستشرقين والغزاه الذي مرو من هنا واغلبهم لم ينقلو ماشاهدوه بصدق وكانوا من غلاة المتعصبين المتحيزون تحيز واضح ضد كل الفاتحين وكل ماهو عربي وبدوى، عاش ومات منهم أجيال عديدة على هذه الأرض الطاهرة في صحراء مصر الغربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى