عادات و تقاليد

“الشلوخ” عادة مؤلمة منتشرة بين قبائل السودان

دعاء رحيل

تحرص الأسر السودانية على أن ترتدي الفتاة منذ باية نضوجها ما يعرَف بالرّحط، وهو يكون عبارة عن “سيور” ذات لونٍ ورديٍ جميلٍ تشبَك لتنزل على جانبٍ واحدٍ من شعر الفتاة. ويرتدى الرّحط ليدلّل على عذرية الفتاة التي كانت تمشط شعرها بأسلوبٍ دقيقٍ ينمّ عن مهارةٍ رائعة.

دليل على الجمال

وتستعمل في تلك العملية التي تعد دليل على الجمال والزّينة خلطةٌ من الطّيب تسمّى الرّشة، وهي تعد عطر المحلب المسحوق الممزوج بالصّمغ العربي الذي يبرم به الجزء الأخير من كلّ ضفيرةٍ من ضفائر شعر الفتاة. وهذه البنت السّودانية التي كانت ترتدي الرّحط، وهي لم تتجاوز السّابعة من عمرها، كانت تعاني الخوف والقلق النّفسي لأنها تتهيأ في هذه السّن للإقبال على عمليةٍ مؤلمةٍ جدًا، تنتظرها عاجلاً أم آجلاً لتزفّها للدخول إلى مرحلة النّضج وفقًا للمعايير الإجتماعية السّائدة حينها.

جروح مؤلمة

هذه العملية هي عملية الشّلوخ وهي جروح طوليّة تحدّد خدّي الفتاة على الجانبين، وتعد أيضًا مظهرًا من مظاهر التّجميل وتزيين وجه الفتاة على نحو ما كان معروفًا حينها. وكانت الفتاة تنتظر في وجلٍ وخوفٍ ورعبٍ شديدٍ ذلك اليوم وهي لا تقوى على معارضة أهلها.

عملية مرعبة

ومن المعروف أن عملية الشّلوخ عمليةٌ مرعبة تقوم بها في الغالب امرأةٌ لا تعرف شيئًا عن الأدوات الصّحية ولم تسمع عن التّعقيم والجراثيم التي تصيب الجروح ولا تحسّ بخطورة هذه العملية المؤلمة، وتنفّذها من غير رحمةٍ، ولكنها تحمل الموس الحاد بكلّ اطمئنانٍ وتخطّط خطًا على جبين الفتاة لتكمل ستّة أو ثمانية أو عشرة خطوطٍ بِطول الخدّ في الغالب، وسط صراخ الفتاة من إثر الألم الشديد، وهي تحاول الإفلات من دون فائدة من قبضة نساءٍ قويّاتٍ لا تعرف قلوبهن الرّحمة أو الشفقة على الضحية المغلوبة على أمرها، وتمسك أولئك النسوة بذراعي الفتاة ويثبّتنها حتى تكتمل العملية المؤلمة وسط الصّراخ الشّديد والألم.

آلاما مبرحة

وعقب إجراء هذه العملية تنظف الجروح ويوسّع كلّ واحدٍ منها ثم يلصق عليه القطن المشبّع بالمحلبية والقطران ويزداد الألم ، وتتعذّب الفتاة المسكينة عدّة أسابيعٍ وهي تعاني آلامًا مبرحةً نتيجةً للحمى الشديدة وتورّم الخدود. ويكون سرور الأهل عظيمًا كلّما كانت الشلوخ عميقةً وعريضةً في خدود البنت اليانعة. وعلى الرّغم من خطورة هذه العملية، إلاّ أنّها كانت تعتَبر مظهرًا من مظاهر الزّينة والجمال بالنّسبة للمرأة السّودانية.

امتلأت الأغاني الشعبية لشعراء ذلك العصر بنماذج تغزلت في الشلوخ ، لكن تطورت الأمور بعد ذلك. وأنقذت الفتاة السودانية من هذه العملية البشعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى