بني صبح: تاريخ وحضارة في قلب الجبل الأخضر
تعد قرية بني صبح من أشهر وأقدم القرى في ولاية الحمراء، حيث تمتاز بتاريخ طويل يعود إلى ما قبل الإسلام. تسمى القرية نسبة إلى قبيلة بني صبح التي استوطنتها منذ قرون، إلى جانب قبائل أخرى مثل النعب والهطاطلة وبني عوف. تقع القرية في الجنوب تحت سفوح الجبل الأخضر، وهي بوابة للعديد من المناطق السياحية في الجبل الشرقي وجبل هاط. وتعتبر نقطة وصل مهمة بين ولاية الحمراء وولاية الرستاق.
آثار تاريخية وأعلام علمية
تعتبر بني صبح مهدًا للعديد من الآثار التاريخية والإنجازات العلمية. حيث تنتشر فيها القلاع والحصون مثل حصن الحارة وحصن الشريعة وبرج حارة الظاهر، بالإضافة إلى العديد من المساجد القديمة. من أبرز المساجد التي تزين القرية، مسجد الشيخ أبي الحواري الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني الهجري، ومسجد الحارة الذي يعتبر شاهدًا على تاريخ القرية وأهلها. شهدت هذه المساجد تجديدًا في عصر النهضة المباركة.
أعلام فكرية وزراعية تقليدية
تضم القرية العديد من الشخصيات العلمية البارزة، مثل الشيخ أبي الحواري والشيخ سعيد بن بشير الصبحي. الذين أثرا في تاريخ القرية العلمي. كما يشتهر أهلها بالزراعة. حيث الأرض الخصبة التي تنتج التمور والليمون والمانجو والعنب، بالإضافة إلى محاصيل موسمية مثل البصل والثوم والجزر والخيار. كان أهالي القرية في الماضي يحققون الاكتفاء الذاتي من هذه المحاصيل ويصدرونها إلى الأسواق المحلية.
حرف تقليدية ومجالس اجتماعية
كانت الحياة اليومية في بني صبح تدور حول الحرف التقليدية مثل صناعة سعف النخيل والنجارة، حيث كانت تُصنع الأبواب والنوافذ وأدوات الزينة من الخشب. كما كان للقرية حارتان محاطتان بأسوار. كانت تتوفر فيهما أبواب رئيسية وأبواب أخرى لحارات السافل والعالي. ولا تزال هذه الحارات قائمة رغم تداخلها مع البساتين الزراعية الحديثة.
الفلج ومصادر المياه
وفي هذا الصدد قال سيف بن عامر الهطالي، أن من أبرز معالم بني صبح، تميزها بثلاثة أفلاج رئيسية، من بينها فلج الكليبي الذي يستمد مياهه من الجبل الشرقي، وهو يروي المزارع في القرية. يعتبر الفلج مصدرًا مهمًا للري، حيث يوزع المياه من خلال “المحاضرة” التي يتم قياسها بواسطة عمود الظل من الصباح حتى غروب الشمس. كذلك، كان لفلج الحديث دور كبير في ري المزروعات رغم توقفه مؤقتًا.
الزراعة والرعي: حياة مستمرة عبر الأجيال
تستمر القرية في الحفاظ على زراعتها التقليدية للنخيل والفواكه والحمضيات، بالإضافة إلى الأعلاف الحيوانية مثل البرسيم والذرة. وتشتهر القرية أيضًا بتربية المواشي من الأغنام والماعز، إضافة إلى الرعي والتجارة، حيث كان أهل القرية يشتهرون في الماضي بالأسفار والتجارة عبر القوافل.