البحيرة المقدسة في الكرنك: أسطورة المياه التي لا تنضب

كتبت شيماء طه
وسط صروح الحضارة المصرية القديمة، تقف البحيرة المقدسة في معبد الكرنك بمدينة الأقصر كأحد أعظم الألغاز التي حيرت العلماء والباحثين لآلاف السنين.
بعمق روحاني وتاريخي، تحكي هذه البحيرة قصة إعجازية، حيث لم تجف مياهها منذ أكثر من 3000 عام، ولم تظهر فيها أعشاب بحرية أو روائح رغم تعرضها لعوامل الزمن والتبخر.
معجزة هندسية عبر العصور
تقع البحيرة المقدسة خارج القاعة الرئيسية لمعبد الكرنك، وهي بحيرة مستطيلة الشكل يبلغ طولها 80 مترًا وعرضها 40 مترًا.
ما يجعلها فريدة هو استقرار منسوب المياه فيها على مر القرون، دون أي تغيّر يُذكر، رغم الظروف البيئية والتغيرات المناخية.
رمزية دينية عميقة
في العصور الفرعونية، كانت البحيرة المقدسة تُستخدم لأغراض دينية وطهارة الكهنة. كان الكهنة يقومون بطقوس التطهير قبل دخولهم إلى المعبد، كما اعتُبرت البحيرة رمزًا لنون، المياه الأزلية التي خُلق منها العالم حسب المعتقدات المصرية القديمة.
سر المياه التي لا تنضب
ما يجعل البحيرة المقدسة تحفة هندسية هو عدم انقطاع تدفق المياه إليها.
يُعتقد أن المصريين القدماء استخدموا تقنيات معقدة لتغذية البحيرة بالمياه الجوفية بشكل مستمر، ما يضمن استقرار منسوبها.
والأغرب أن هذه المياه لم تكتسب روائح كريهة أو تظهر فيها طحالب، وهو ما يعزز الفكرة بأنها كانت تخضع لرعاية دقيقة، أو ربما لتأثير قوى طبيعية غامضة.
استخدامات أخرى مذهلة
لم تكن البحيرة المقدسة مجرد مكان للطقوس الدينية؛ بل كانت تُستخدم أيضًا في الأرصاد الفلكية.
كان الكهنة يراقبون انعكاسات النجوم على سطح البحيرة ليحددوا أوقات الطقوس والمناسبات الدينية، مما يدل على دورها المركزي في حياة المصريين القدماء.
البحيرة اليوم
حتى يومنا هذا، تجذب البحيرة المقدسة زوارًا من جميع أنحاء العالم، الذين يقفون منبهرين أمام هذا الإعجاز الهندسي والطبيعي.
إنها ليست مجرد بحيرة، بل هي نافذة تطل على روحانية المصريين القدماء، وعبقريتهم في مواجهة تحديات الطبيعة.
البحيرة المقدسة في معبد الكرنك هي أكثر من مجرد مسطح مائي؛ إنها شهادة حية على عظمة الحضارة المصرية التي ما زالت تبهر العالم بأسرارها.
برمزيتها الدينية وتفردها الهندسي، تبقى هذه البحيرة إحدى عجائب مصر التي تأبى أن تنضب أو تُنسى.