بيار الخوري.. أسطورة العمارة الحديثة في لبنان وصانع الجمال المعماري
وُلد المهندس المعماري بيار الخوري في قرية عرمون الصغيرة المطلة على بيروت، والتي تجمع بين سحر الطبيعة الخضراء وأصالة المكان. تميز الشيخ بيار الخوري، الذي حمل هذا اللقب الموروث عن عائلته منذ القرن التاسع عشر، كأحد عمالقة الهندسة المعمارية الحديثة في لبنان، حيث صمم أكثر من مئتي عمارة، تجسد جميعها عبقريته وإبداعه الاستثنائي.
من هو بيار الخوري
درس الخوري الهندسة المعمارية في كلية الفنون الجميلة في باريس وتخرج منها عام 1957. وقد تأثر بشكل كبير بوالده الذي كان يعمل في نفس المجال، مما دفعه إلى الانخراط في عالم الهندسة المعمارية منذ الصغر. انضم بيار إلى حلقات المهندسين المعماريين في باريس وبيروت، وتأثر بشكل خاص بالمهندس الفرنسي أندريه لا كونت الذي عمل لفترة في بيروت وأثر في توجهه نحو العمارة الحديثة التي تمزج بين التراث الشرقي والطبيعة المتوسطية، فصمم مباني شاهقة من الزجاج التي تفتح على السماء والطبيعة، جامعاً بين الجمال الخارجي والوظيفة الداخلية.
تميزت تصاميم بيار الخوري بتنوعها بين الأديرة ودور العبادة والمكاتب والمنازل. بدأ مسيرته بتأهيل منزله في اليرزة قرب بيروت عام 1959، ثم صمم دير راهبات هناك وحصد أولى جوائزه. بعدها، انتقل إلى جزين حيث بنى ديراً آخر، وصمم كنيسة سيدة حريصا بالتعاون مع المهندس نوال أبو حمد، لتطل على جمال جون جونية.
امتدت أعماله لتشمل تصميم سجن رومية، ومطار بيروت الدولي، ومبنى الأسكوا في بيروت، والمقر الرئيسي لبنك لبنان والمهجر في فردان. كما خاض تجربة العمل في الخليج العربي، موسعاً من نطاق إبداعه. في مجال ترميم المباني القديمة، أبدع الخوري في ترميم بيت عائلته في عرمون، الذي يعود إلى القرن الثامن عشر، وقصر الأمير أمين في بيت الدين.
رحل الشيخ بيار الخوري عن عالمنا بينما كان في أوج عطائه، حيث لم يمهله المرض لإكمال مشواره المميز في مجال الهندسة المعمارية الذي امتد لأكثر من 45 عاماً. ورغم رحيله، يبقى أثره حاضراً في كل زوايا العمارة اللبنانية الحديثة، شاهدًا على عبقرية لا تُنسى.