أبو قرة: الفيلسوف المسيحي المتمرد
أبو قرة (ثاودورس)، (توفي 830م)، هو أحد أبرز آباء الكنيسة الشرقية وأعلام اللاهوتيين المسيحيين العرب. وُلد في الرها في أواسط القرن الثامن الميلادي. تلقى العلم أولاً في الرها ثم ترهّب في دير القديس مار سابا قرب القدس، حيث تأثر بكتابات القديس يوحنا الدمشقي.
من هو أبو قرة
تم انتخابه مطراناً على الملكية في حرّان، لكن أسقفيته لم تدم طويلاً لأسباب غير معروفة، فعاد إلى مار سابا. اشتهر في الحوار مع الكنيسة الأرمنية، وكتب لهم رسالة في العقيدة عام 812م. لاحقاً، أصبح داعية متجول، يدافع عن الدين المسيحي وتعاليم المجمع الخلقيدوني وإكرام الصور المقدسة، حيث طاف في البلاد وعظاً وتعليماً، وصولاً إلى أرمينيا حيث خاض مناظرة شهيرة عام 815م، وأقام لفترة في بغداد حتى وفاته عام 830م.
كما أجاد أبو قرة السريانية واليونانية والعربية، وكتب فيها جميعاً. من أشهر أعماله كتاباته العربية التي تعتبر الأكثر أهمية، حيث كتب ثلاثين مقالاً ورسالة وعظة. يعد الخوري قسطنطين الباشا المخلصي، القس يوحنا أرنْدْزِنْ، والأب لويس شيخو اليسوعي من أبرز من اكتشفوا ونشروا أعماله.
كان أبو قرة من أوائل من نقلوا الفلسفة اليونانية إلى العربية، حيث ترجم كتباً لأرسطو وتناول الفكر الأرسطاطاليسي والأفلاطوني الحديث. استخدم الفلسفة والعقل في تفسير العقائد المسيحية والدفاع عنها، مما جعله يتعرض للانتقادات من بعض خصومه الذين وصفوه بالفيلسوف.
كما أكد أبو قرة على أهمية العقل في الإيمان، مشدداً على أن العقائد يجب أن تكون موضوعاً للنظر العقلي قبل أن تكون موضوعاً للاعتقاد. تأثر بالمعتزلة، وركز على الحوار والتوجه إلى الآخر لإقناعه، مما جعل معظم أعماله تتميز بطابع الحوار والنقاش.
أبو قرة يُعَدّ من كبار اللاهوتيين الملكيين، وقد وضعه بعض خصومه في مصف القديسين، مثل مكسيموس المعترف ويوحنا الدمشقي. جسد أبو قرة في حياته وآثاره اهتمامات المسيحيين العرب، وعبّر ببلاغة عن عقائد إيمانهم.