تاريخ ومزارات

بين الماضي والحاضر: شارع السكة في قطاع غزة

كتبت: رانيا سمير

لايزال شارع السكة في قطاع غزة  يمثل معلماً تاريخياً مهماً، حيث يمتد من الجنوب إلى الشمال دون تغيير في اسمه منذ أيام كان يستخدم للقطارات التي كانت تربط بين جمهورية مصر العربية وقطاع غزة.

يعود تاريخ هذه السكة إلى فترة الانتداب البريطاني في فلسطين. حيث كانت جزءاً من خطوط السكك الحديدية التي كانت تديرها حكومة الانتداب البريطانية منذ عام 1920 حتى عام 1948.

يسلط التقرير على خطوط السكك الحديدية  الذي يمتد عبر قطاع غزة، فيما يلي تقرير حول هذا الموضوع:

فترة الدولة العثمانية

هذا المشروع الذي لا تزال آثاره حاضرة، بدأ في فترة الدولة العثمانية بهدف ربط مصر بفلسطين والدول العربية في آسيا وإفريقيا. بدأت المحاولة من وادي السيسب في سيناء. وتعود الآثار إلى قرن مضى تشير إلى طموح العثمانيين في هذا الاتجاه. لكن في عام 1916، انتهت هذه المحاولة بسبب دخول تركيا في الحرب العالمية الأولى.

ويبدو أن العام 1916 كان عاماً حزيناً على أحلام العثمانيين لخلق قنوات اتصال من السكك الحديدية بين الدول العربية؛ ففي نفس العام أيضاً توقفت عن العمل. بعد تعرضها للتخريب بسبب معارك الحرب العالمية الأولى. “سكة حديد الحجاز” التي أنشأتها الدولة العثمانية لتربط بين العاصمة السورية دمشق والمدينة المنورة بأرض الحجاز. لخدمة حجاج بيت الله الحرام.

 إحياء البريطانيين

في فترة الانتداب البريطاني. تم إحياء هذا الخط الحديدي، وكان جزءاً من شبكة السكك الحديدية الفلسطينية التي تربط بين مصر وفلسطين وبيروت. كان هذا الخط أحد العوامل التي ساهمت في ازدهار مدن وقرى فلسطين. وتمتد آثاره في القطاع من الجنوب إلى الشمال.

وسميَ بـ”خط سكك حديد سيناء العسكري”؛ فقد أقامه الإنجليز عندما كانوا يحتلون مصر في بداية الحرب العالمية الأولى لخدمة أغراضهم العسكرية في فلسطين. وأنشأوا لذلك كوبري الفردان الأول، وبحلول يناير 1917 وصل الخط إلى العريش ومن ثم رفح في مارس 1917،  وبعد أن استقرت بهم الأوضاع في فلسطين. مدوا هذا الخط إلى داخل مدنها مثل القدس وبئر السبع.

وقد قامت القوات البريطانية بالاستيلاء على بئر السبع في أكتوبر 1917 ودخلت غزة في  نوفمبر، وقد تم تحويل فرع  من هذا الخط إلى القدس بحلوليونيو ليستمر إلى طولكرم على مسار سكة الحديد الشرقية. ومن هناك قام الإنجليز ببناء خط مقياس معياري على شمال غرب الطريق الجديد إلى الساحل ثم شمالاً ليصل إلى حيفا بحلول نهاية عام 1918م.

ثورة فلسطين

في فترة ما بين عامي 1936 و1939، شهدت فلسطين اندلاع ثورة فلسطينية ضد الحكم البريطاني. وذلك بسبب المعارضة للهجرة اليهودية الجماعية إلى الأرض. كانت السكك الحديدية. بما في ذلك “خط سيناء العسكري”، أحد أهم الأهداف للثوار الفلسطينيين.

البريطانيون ردوا على هذه الثورة بتحصين الجسور وزيادة الدوريات العسكرية على طول خطوط السكك الحديدية لصد الهجمات. في البداية، كانت الدوريات البريطانية تأتي سيراً على الأقدام، لكن فيما بعد بدأوا في استخدام العربات المدرعة بشكل ملحوظ.

وجاء الرد البريطاني على تفجير إحدى المركبات البريطانية بلغم من خلال تركيب واجهة على كل سيارة مدرعة مع شريط طويل يهدف إلى تفجير أي لغم بأمان دون إصابة أي من ركاب العربات المدرعة. ولقد قام الجنود البريطانيون بجعل الرهائن العرب درعاً لهم أثناء ركوبهم العربات لكشف الألغام.

بعد انسحاب بريطانيا من فلسطين وانتهاء فترة الانتداب البريطاني في عام 1948. تم حل شركة قطارات فلسطين واستولت “إسرائيل” على الشركة بعد إعلان تأسيسها في نفس العام. منذ ذلك الحين، تولت الحكومة الإسرائيلية إدارة خدمات القطارات.

بعد “نكسة” حزيران 1967، توقفت السكة الحديدية في قطاع غزة. لكن بقيت آثارها تحكي قصة ماضٍ تاريخي. الكثيرون من سكان المنطقة ما زالوا يتذكرون تفاصيل ركوب القطار وتجاربهم خلاله. لكن بعد النكسة، اندثر القطار وبقيت الذكريات فقط، في وقت سرقت فيه أراضيهم واحتلت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى