تاريخ ومزارات

المواجهة الملحمية: غزوة السويق وتداعياتها

في ذي الحجة من العام الثاني للهجرة، شهدت الأراضي العربية حدثًا فارقًا يعرف بغزوة السويق. حيث أقدم أبو سفيان على تحدي قوة المسلمين بعد عودته المريرة من معركة بدر. بقيادة مائتي فارس، انطلق نحو المدينة. متوقفًا عند حدود العريض، ومكث ليلة في ضيافة سلام بن مشكم من بني النضير. هناك، تلقى أخبارًا عن الأوضاع، وبحلول الصباح، أمر جنوده بتخريب بساتين النخيل وقتل رجل من الأنصار وحليفه، قبل أن يعود أدراجه إلى مكة.

غزوة السويق وتداعياتها

رسول الله صلى الله عليه وسلم، علم بالغارة، فسارع بمطاردة أبو سفيان ورجاله بمائتي من المهاجرين والأنصار، تاركًا أبا لبابة بن عبد المنذر يحرس المدينة. وفي محاولة للهروب، ألقى المشركون أحمالهم من السويق، مما أدى إلى تسمية الغزوة بهذا الاسم. وعلى الرغم من الجهود، لم يتمكن المسلمون من اللحاق بأبو سفيان، الذي عاد إلى مكة متباهيًا بتحقيق نذره.

وفي السياق ذاته، يذكر ابن الجوزي في “المنتظم” وابن الأثير في “الكامل” تفاصيل الغزوة، مشيرين إلى نذر أبو سفيان بعدم الاغتسال حتى ينتقم من محمد وأصحابه، وكيف أنه قتل وأحرق ودمر، ثم فر هاربًا بعد أن رأى أنه قد أوفى بيمينه. وعند عودتهم، سأل المسلمون رسول الله عن إمكانية حدوث غزوة أخرى، فأكد لهم أنها ستكون.

وجاء في “تـاريخ الأمم والملوك” المجلد الثاني للطبري:

“وهي غزوة النبي صلى الله عليه وسلم بدراً الثانية لميعاد أبي سفيان.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من غزوة ذات الرقاع، أقام بها بقية جمادى الأولى وجمادى الآخرة ورجب، ثم خرج في شعبان إلى بدر لميعاد أبي سفيان حتى نزله، فأقام عليه ثماني ليالٍ ينتظر أبا سفيان، وخرج أبو سفيان في أهل مكة، حتى نزل مجنة من ناحية مر الظهران – وبعض الناس يقول: قد قطع عسفان – ثم بدا له الرجوع، فقال: يا معشر قريش، إنه لا يصلحكم إلا عامٌ خصب ترعون فيه الشجر، وتشربون فيه اللبن؛ وإن عامكم هذا عام جدب؛ وإني راجع فارجعوا. فرجع ورجع الناس، فسماهم أهل مكة جيش السويق. يقولون: إنما خرجتم تشربون السويق.

فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على بدر ينتظر أبا سفيان لميعاده، فأتاه مخشي بن عمرو الضمري، وهو الذي وادعه على بني ضمرة في غزوة ودان، فقال: يا محمد، أجئت للقاء قريش على هذا الماء ؟ قال: نعم يا أخا بني ضمرة؛ وإن شئت مع ذلك رددنا إليك ما كان بيننا وبينك، ثم جالدناك. حتى يحكم الله بيننا وبينك. فقال: لا والله يا محمد، مالنا بذلك منك من حاجة، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر أبا سفيان؛ فمر به معبد بن أبي معبد الخزاعي، وقد رأى مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وناقته تهوى به فقال:

قد نفرت من رفقتى محـمـد وعجوةٍ من يثربٍ كالعنـجـد

تهوي على دين أبيها الأتـلـد قد جعلت ماء قديدٍ موعـدي

وماء ضجنان لها ضحى الغد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى