الطغرائي: وزير السلاجقة وعالم الكيمياء وشاعر اللامية

الطغرائي، هو الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد الأصبهاني الملقب بمؤيد الدين والمشهور بالطغرائي. كان وزيراً وعالماً في الكيمياء وشاعراً معروفاً في القرن الخامس الهجري / الثاني عشر الميلادي. نشأ في مدينة جي التابعة لأصبهان في بلاد فارس، وهو من نسل أبي الأسود الدؤلي العربي. سمي بالطغرائي لأنه كان يستخدم الطغراء في كتاباته.

من هو الطغرائي

أقام الطغرائي في أصبهان في بداية حياته حيث درس العلوم الأولية في مدارسها. ثم انتقل إلى إربيل في شبابه حيث شغل منصب أمين السر. وكان طامحاً جداً فدخل في خدمة السلاجقة وخدم السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان وتولى خلال حكمه ديوان الطغراء، وكان ماهراً في الكتابة والشعر فأطلق عليه لقب الأستاذ. ثم انتقل إلى الدولة الأيوبية وتنقل في المناصب، وتولى الاستيفاء وتقدم للوزارة.

وتولى الوزارة في عهد الملك مسعود بن محمد في ولاية الموصل ، ولكنه فقد منصبه بعد وفاة الملك محمود، حيث حاول السميرمي. وكان وزيراً لمملكة محمود بن مسعود في أصفهان – مع بعض أتباعه المقربين من الملك محمود أن يحرضوه على إعلان دولة السلاجقة للإقليم الغربي عام 513هـ / 1120 م. فغضب الملك مسعود من هذا الأمر وسار بجيشه الذي كان ناقص العدة ومعه وزيره الطغرائي لمواجهة جيش الملك محمود مع وزيره السميرمي. فحدثت معركة بينهما في مكان قريب من همدان وانتهت بخسارة فادحة لجيش الملك مسعود وأسره ووزيره الطغرائي. فعفو الملك محمود عن أخيه مسعود وأمر بقتل الطغرائي عام 515هـ / 1121 م.

كان الطغرائي شاعراً من الدرجة الأولى وأديباً وخطاطاً. وله قصيدة في رثاء زوجته التي كان يحبها ويوفيها الود وتوفيت بعد زواجه منها بفترة قصيرة. وهي من المراثي الجميلة وأدرجها العديد من الأدباء المعاصرين في هذا الباب. ونظم أيضاً اللامية في نقد زمانه وشكوى ما كان يعانيه وحظيت هذه القصيدة بشهرة واسعة وترجمت إلى لغات مختلفة.

وكذلك كان الطغرائي من أشهر من عملوا في ديوان الإنشاء. حتى إنه لم يكن في الدولتين السلجوقية والإمامية من يضاهيه في الإنشاء إلا أمين الملك أبي نصر العتبي.

شهرته

وشهرة الطغرائي العلمية ترجع إلى مهارته في الكيمياء التي تدل على أنه حل ألغازها واكتشف أسرارها. وبذل جهوداً كبيرة في محاولة تحويل الفلزات الرخيصة من النحاس و الرصاص إلى ذهب و فضة وأنفق في سبيل ذلك جهداً ومالاً ضخمين. وكتب الطغرائي عن هذه الصنعة وأقر بإمكانية تحقيقها. ولكنه شدد على حكمة من يصل إلى الطريقة الصحيحة. فهو يتطلب من من يمارس الصنعة أن يكون عالماً بالحكمة فكراً وعملاً.

يذكر الطغرائي في ذكر الصنعة ما يلي: “إن هذا العلم لما كان الهدف منه السرية. وإرشاد العقول النقية إلى التفكير العميق. استخدم فيه كل ما اسموه عند حكمائهم أماكن مضللة من استخدام الأسماء المتعددة المعاني والمتشابهة والمبهمة وأخذ جزء الشيء أو صفته الخاصة أو العامة محل الشيء. وحذف الوسائط التي تحتاج إلى ذكرها، وتغيير المعنى الواحد في الكلام الطويل. وتجاهل شروط التناقض في معظم المواضيع حتى يضطرب العقل في أقوالهم المتناقضة ظاهرياً، وهي في الحقيقة متفقة، لأن شروط التناقض غير مكتملة فيها. واستخدام الأحكام المجهولة غير المحددة وغالباً ما تكون الحكمة العامة المحددة شخصية. فإذا جاء في كلامهم تلون أو تحلل أو ترابط كل جسم فهو جسم واحد وإذا قالوا إن مركبنا لا يكون من كل شيء لا يكون منه شيء فهو شيء واحد.”

كما ترك الطغرائي مجموعة من الكتب تظهر فطنته في مجال الكيمياء من أبرزها كتاب جامع الأسرار . وكتاب تراكيب الأنوار ، وكتاب حقائق الاستشهادات ، وكتاب ذات الفوائد ، وكتاب الرد على ابن سينا في إبطال الكيمياء ، وكتاب مصابيح الحكمة ومفاتيح الرحمة.