د. حسن أحمد حسن يكتب:هدنة مؤقتة موشاة بأكاليل النصر
د. حسن أحمد حسن يكتب:هدنة مؤقتة موشاة بأكاليل النصر
أولى بركات طوفان الأقصى، وباكورة ثماره اليانعة يجنيها المقاومون الفلسطينيون وهم أكثر يقيناً بوفرة الغلال المكدسة في بيادر الحصاد…
نعم إنها الباكورة فقط، كما أنها باكورة انهيار تلال الوهم وتلاشي جبال الكذب والنفاق والتضليل الاستراتيجي المعتمد منذ عقود ليأتي السابع من تشرين الأول ويعصف بكل الأوهام ويسقط الأقنعة المتراكبة بعضها فوق بعض دفعة واحدة، فتظهر سوأة كيان الاحتلال الكريهة، وتنفجر الكتلة السرطانية تنشر قيحها النتن أمام العالم وبصره، والمقاومون الأشاوس يكملون وثبتهم الميمونة بيقين مطلق بالقدرة على اجتراح النصر وتفصيله وفق المقاس الفلسطيني لا وفق فذلكات من اعتادوا الارتهان لمشيئة العدو المتربص شراً بالديار والأوطان.
تسعة وأربعون يوماً والسماء تمطر موتاً ودماراً ووحشية لم تعرفها البشرية على امتداد تاريخها الطويل.. تسعة وأربعون يوماً وأطفال فلسطين يواجهون باللحم الطري صواريخ الإبادة وقنابل القتل الجماعي الممنهج والممهور ببصمة أمريكية فاضحة كشفت حقيقة النفاق الأطلسي بزعامة واشنطن… تسعة وأربعون يوماً والمرأة الفلسطينية المتجذرة بالأرض وبكل حبة رمل وذرة تراب تؤكد أن الأرحام الطاهرة التي أنجبت الأبطال والشهداء مباركة وقادرة على إنجاب الأجيال المتتالية ممن يحملون في أحماضهم النووية جينات التحدي والصمود والمقارعة والانتصار وتعفير أنوف جنرالات الكيان الصهيوني بأوحال الذلة والهزيمة والانكسار… تسعة وأربعون يوماً وحاضنات الأطفال في مشفى الشفاء وغيره من المستشفيات التي كانت على امتداد أيام العدوان هدفاً مباشرا بكل ما فيها ومن فيها، وما يزال الغرب الناتوي المنافق يدعي الحرص على حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل مع أن تقارير المنظمات الحقوقية تؤكد استمرار تل أبيب بارتكاب ممنهج لكل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ومع ذلك يمنع الفيتو الأمريكي والفرنسي والبريطاني صدور أي قرار يدين الوحشية الإسرائيلية المنفلتة من كل عقال… تسعة وأربعون يوماً لم يستطع جيش الاحتلال الذي يمتلك الرؤوس النووية تحقيق هدف عسكري واحد مما تم الإعلان عنه.. تسعة وأربعون يوماً وصواريخ المقاومة المباركة تدك الداخل الصهيوني وصولاً إلى تل أبيب، ويعجز الجيش الإسرائيلي عن وقف انطلاق تلك الصواريخ حتى بمساعدة المدمرات وحاملات الطائرات والبوارج التي أتت لمساعدته… تسعة وأربعون يوماً ويرغم نتنياهو النتن وحكومته المتطرفة على الإذعان لشروط المقاومة والقبول بهدنة مؤقتة وفق الشروط التي فرضها المقاومون…
مع إشراقة شمس يوم الجمعة استكملت التحضيرات لاستقبال الأسرى المحررين، وعلى العالم أن يعي أن الإنجاز الأهم لطوفان الأقصى والأسيرة الأولى المحررة كانت الإرادة الفلسطينية، وأول الأسرى الذين كبلتهم المقاومة في السابع من تشرين الأول كان نتنياهو ووزير حربه ورئيس أركانه وبقية وزرائه، وسيبقى كيان الاحتلال بكليته أسير الطوفان المبارك في السابع من تشرين الأول، ولن يستطيع حكام تل أبيب اليوم ولا غداً ولا في المستقبل القريب أو البعيد إطلاق سراح هيبتهم المتآكلة وقوة ردعهم المتداعية تحت أحذية المقاومين وتحت أقدام أطفال فلسطين..
إطلاق سراح مئة وخمسين من المعتقلين الفلسطينيين بداية جديدة لفصل جديد عنوانه النصر للمقاومة وأنصار المقاومة، والهدنة التي فُرِضَتْ على الإسرائيلي ليست كغيرها مما هو معروف في تاريخ الحروب، فهي هدنة موشاة بأكاليل الغار، ومطرزة بآيات النصر.
أخيرا وقبيل الختام يطيب لي أن أتوجه بمسك الختام لأولئك الأبطال الصناديد في يمن العزة والكرامة.. يمن الإباء والوفاء.. يمن الصلابة واليقين بقدرة الأبطال الحوثيين على إلزام أصحاب الرؤوس الحامية على إعادة حساباتهم مرات ومرات، فالشكر كل الشكر لأولئك الغطارفة الذين أوصلوا صوتهم بكل جلاء، فزغردت صواريخهم في “إيلات” وغيرها من مدن الداخل المحتل من قبل جيش الكيان الغاصب، وتم تتويج ذلك بسوق سفينة إسرائيلية إلى الموانئ اليمنية الزاخرة بمعاني العروبة الحقة والعرب الأقحاح الذين كانوا وسيبقون ملء السمع والبصر والفؤاد، وكانوا وسيبقون عند حسن الظن بهم رجالاً أشداء يروضون المستحيل.