المزيد

مقتطفات عن الدولة العثمانية.. الجزء الثالث

كتب – عمر محمد

ظاهرة تاريخية فيها الكثير من التحامل، واستقرت في أذهان الأجيال المتعاقبة، على مختلف مستوياتها، صور قاتمة عن الدولة العثمانية، واقترن ذکر ما في قلوبهم وفي أذهانهم بمظالم ومحن تكدست علی صدورهم.

هذا في الوقت الذي روج فيه الاستعمار الأوروبي والصهيونية أن الدولة العثمانية تسير في الاتجاه الخاطئ في عالم كان ينشد ويطبق العدالة والمساواة، ووجد كتاب ومؤرخون رددوا، عن جهل أو تجاهل، تلك الآراء الخاطئة عنها ، وبخاصة على الصعيد العربي.

لقد تناول المؤرخون الدولة العثمانية في كتاباتهم باهتمام بالغ، لكن الكثير منهم تحامل عليها بإيحاء خارجي أو ذاتي ينم عن حقد دفين، لا لشيء، إلا لكونها تحمل شعار الإسلام.

إلا أن مثل هذه الأحكام لا تتماشى مع الحقائق التي تبينها الدراسة الموضوعية، ولا مع الملاحظة المتأنية لما خلفه العثمانيون من آثار مادية وسياسية واجتماعية تنفي أنهم كانوا مجرد محاربين مجردين من أي قيم حضارية.

والملاحظ أن هذه النظرة المتحاملة قد إنتقلت إلى تركيا الحديثة التي قامت على أنقاض الدولة العثمانية لتهاجم بشدة الماضي العثماني.

على أن هذه النظرة التحاملية للتاريخ العثماني والدولة العثمانية، أخذت تضمحل في أوروبا وفي تركيا في أعقاب

الحرب العالمية الثانية وبدأ يشوبها بعض الأتزان والموضوعية.

إن العودة إلى الأصول التاريخية العثمانية، التي كتبت قبل القرن العشرين تسمح لنا بالقراءة الموضوعية لتاريخ هذه الدولة التي جمعت بين الشعوب الإسلامية في إطار يعتمد المساواة بينهم، من دون تفريق في الجنس واللون، ويعتمد المساواة بينهم وبين أتباع الأديان الأخرى في تطبيق مبادئ الشرع الإسلامي.

فالدولة العثمانية هي التنظيم السياسي الوحيد، في العصور الوسطى والحديثة، الذي اعترف رسميا بالأديان السماوية الثلاثة وحقق بينها تعایشا تميز بالانسجام.

وإذا كان قد اعترى الحكم العثماني في بعض مراحله زلات ارتكبها بعض السلاطين أو القيمين في مدد زمنية متقاربة أو متباعدة، فإن تاريخ هذا الحكم يبقی، على الرغم من ذلك، جزءا من تاريخ العالم الإسلامي، ولا يمكن فصل الانتصارات التي حققها والأمجاد التي بناها عن المبادئ الإسلامية التي كانت المحرك الأول للمسلمين عبر القرون لتحقيق الانتصارات العسكرية والحضارية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى