تاريخ ومزارات

بناصا بسيدي علي بوجنون: مدينة أثرية تحكي تاريخ الحضارات القديمة بالمغرب

يقع الموقع الأثري الذي يحمل اسم بناصا بسيدي علي بوجنون في الجماعة القروية لسيدي الكامل التي تتبع لإقليم سيدي قاسم. وهو على بعد 17 كلم من مدينة مشرع بلقصيري بالمغرب. ويعود تاريخ هذا الموقع إلى عصور ما قبل التاريخ. حيث تشير الأدوات الحجرية والفخارية التي عثر عليها إلى أن الإنسان استوطنه منذ زمن بعيد.

تأسيس مدينة بناصا

تأسست مدينة بناصا في القرن الرابع قبل الميلاد. وكانت تتأثر بالحضارات الفينيقية واليونانية والايبيروبونيقية. وذلك يظهر في المنتجات الخزفية التي تم اكتشافها في الحي الجنوبي. حيث كانت توجد مصانع الخزف. وفي الفترة ما بين 25 و 33 ق.م، شيدت مستعمرة رومانية على أنقاض المدينة المورية. وسميت بحامية ”يوليا فالينتيا بناصا“. وكانت تهدف إلى رومنة البلاد واحتلالها نهائيا. وفي عهد الإمبراطور مارك أوريليو في سنة 162م، تغير اسم المدينة إلى “كولونيا أوريليا”. وظلت مركزا حضريا هاما حتى سنة 285م. عندما انسحب الرومان إلى شمال وادي اللوكوس. وبعد ذلك تركت المدينة خالية. رغم أن هناك أدلة أركيولوجية تشير إلى أن الاستيطان استمر فيها بعد الانسحاب الروماني.

معالمها العمرانية

لقد كشفت الحفريات الأثرية عن جزء كبير من المدينة القديمة. ولا تزال معالمها العمرانية واضحة، مثل الأزقة والمعابد والساحة والمباني العمومية. ويدخل الزائر إلى الموقع من الحي الجنوبي. حيث يمكنه رؤية جزء من سور المدينة. ثم يصل إلى الشارع الرئيسي. حيث توجد الدكاكين والمرافق الاقتصادية، مثل المخابز ومعاصر الزيتون والمحلات الصناعية والتجارية. وفي الحي الغربي، يلفت الانتباه العدد الكبير من المنازل الفاخرة ذات الطراز اليوناني الروماني. والتي تتميز بترتيب الغرف والأروقة حول الصحن الذي يحتوي عادة على حوض وحدائق مزينة بلوحات الفسيفساء الرائعة. ومن أشهر هذه المنازل منزل فينوس ومنزل دبلوم دوميسيان. والذي سمي بهذا الاسم نسبة إلى دبلوم عسكري منقوش على صفيحة برونزية عثر عليها في هذا المنزل، وهي معروضة حاليا بالمتحف الأثري بالرباط.

ويضم الحي المركزي أهم البنايات العمومية، مثل المعبد والساحة والمحكمة. وفي الجهة الشمالية الغربية، يوجد حي ماسيلوم، الذي يحتوي على مجموعة من المنازل الجميلة. ويشتمل الموقع أيضا على حمامات عمومية، ومن أبرزها الحمامات التي تحتفظ بالصباغات الجدارية والتي لا تزال تحافظ على الكثير من عناصرها الأصلية.

وتتمتع اللقى الأثرية التي تم العثور عليها بالموقع بالغنى والتنوع، وهي تشمل عناصر معمارية وزخرفية ونقائش وأدوات معدنية وفخارية وحلي بونيقية. وتم عرض جزء كبير من هذه اللقى الأثرية في قاعة البرونز بالمتحف الأثري بالرباط، وتم حفظ الباقي في مخازن موقع وليلي الأثري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى