كتابنا

الأٌقصى والنفخ في البوق وما ينتظر الأٌقصى في القريب القادم

الأٌقصى والنفخ في البوق وما ينتظر الأٌقصى في القريب القادم
بقلم :- راسم عبيدات
في ذكرى رأس السنة العبرية والذي سيكون في ال 17 من أيلول القادم، تسعى الجماعات التلمودية والتوراتية المقتحمة للأقصى لتكريس فكرة اقتحام الأقصى بأثواب بيضاء ترمز لرداء الكهنة البيضاء الذين يقُودون الصلوات في ” الهيكل” المزعوم،ويسعون للنفخ في البوق في ساحات الأقصى.
قضية النفخ في البوق لا تحمل بعداً دينياً تلمودياُ توراتياُ فقط، بل هي قضية لها علاقة بالهيمنة والسيادة،وتحمل بعداً سياسياً بإمتياز …وعملية النفخ في البوق قام بها مؤسس حاخامية جيش الكيان شلومو غورين لأول مرة عند إحتلال سيناء عام 1956،وكذلك جرى النفخ في البوق بمرافقة الجيش الذي احتل المسجد الأقصى عام 1967 ومن ثم النفح بشكل يومي عند حائط البراق،ليعلن عن عودة الطقوس التوراتية الى ساحة البراق بعد إنقطاع لفترة طويلة، ولا ننسى بأنه جرى النفخ في البوق في محيط المسجد الأقصى في عام 2020 وكذلك جرى النفخ في البوق داخل الأقصى 2021 بدون تصوير،حيث سمع صوت البوق في المنطقة الشرقية قبل أن تتبنى ذلك رسمياً جماعة ” العودة الى الهيكل” .
يجري النفخ في البوق في ذكرى يوم نكبة شعبنا او ما يعرف بذكرى ” إستقلال” دولة الكيان،كمناسبة قومية،وكذلك عند تنصيب رئيس جديد لدولة الكيان ما يؤكد ارتباطه بفكرة السيادة إذ إن الرئيس الصهيوني هو رأس الدولة ورمز سيادتها بنظرهم.
البوق ينفخ فيه اليوم في مناسبتين دينيتين هما رأس السنة العبرية و”عيد الغفران،أما من الناحية الدينية فتتمثل في كون البوق أساساً يرمز للانتقال بين زمنين، فهو علامة دخول السنة العبرية الجديدة، ولذلك ينفخ صباحاً ولمرات عديدة في “عيد رأس السنة العبرية”، وعلامة نهاية “أيام التوبة” العشرة مع غروب شمس “عيد الغفران”، ولذلك ينفخ فيه في وقت الغروب متزامناً مع أذان المغرب.
ولا ننسى بأن الحاخامات يعطون معاني عجائبية لصوت البوق، باعتباره يحاكي يوم القيامة، ويحاكي الحزن على مآسي اليهود القديمة، ويشكل إيذاناً متجدداً بقرب مجيء المسيح المخلص وإعادة بناء الهيكل المزعوم، وهذا المعنى الخلاصي الأخير هو ما يركز عليه اليمين الصهيوني اليوم.
النفخ في البوق في المسجد الأقصى هو في نظر الصهاينة إعلان هيمنة وسيادة عليه، وإعلان للانتقال من زمانه الإسلامي إلى زمانٍ عبري جديد، وإنذار بقرب مجيء المخلص ليستكمل إقامة الهيكل المزعوم،وتكريساً للأقصى باعتباره مركزاً للعبادة اليهودية؛ وهذه المعاني الرمزية المكثفة هي التي تجعل اليمين الصهيوني بمختلف مواقعه في الحكومة والأمن والمحاكم وجماعات الهيكل يرى فيه هدفاً يستحق الإصرار عليه،ولذلك نشهد في الأونة الأخيرة ومن بعد تشكل حكومة اليمين المتطرف والفاشية اليهودية،وتسلم الفاشي بن غفير ما يعرف بوزارة الأمن القومي لدولة الكيان،سعي محموم لتهويد المسجد الأقصى وتكريس وقائع جديدة فيه، تخرجه عبر سياسات الإحلال الديني من قدسيته الإسلامية الخالصة الى القدسية الدينية المشتركة،وبعد إستكمال طقوس ما يعرف بإحياء الهيكل المعنوي،من سجود ملحمي وصلوات وطقوس تلمودية وتوراتية علنية في ساحاته والنفخ في البوق وإدخال مقتنيات العبادة من شال صلاة ولفائف سوداء ولباس الكهنة البيضاء وغيرها،هناك سعي محموم للإنتقال الى إقامة الهيكل المزعوم عملياً،ولعل احضار البقرات الخمس الحمراء وتخزينها في مستودعات خاصة، حتى تبلغ من العمر عامين،لكي يجري ذبح احداها على جبل الطور مقابل الأٌقصى،ونثر دمها على أكبر عدد من السمتوطنين،من أجل ما يعرف بالتطهر،وهذا يمهد لهم القيام بعمليات إقتحام الأٌقصى بعشرات الآلاف بدون عوائق.
ولذلك في قادم الأشهر القريبة ايلول وتشرين اول ،والتي ستشهد ثلاث مناسبات دينية تلمودية ،منها إثنتان مرتبطتان بما يعرف بأيام الحج الثلاثة ،رأس السنة وعيد “العرش” المظلة ،1/9 ،رأس السنة العبرية ،و25/9 يوم “الغفران” و 1- 5 من شهر تشرين اول،عيد المظلة” العرش،وفي تلك المناسبات ستكثف الجماعات التلمودية والتوراتية من منظمات الهيكل المختلفة والحاخامات والفاشية اليهودية من أمثال بن غفير ويهودا غليك وسموتريتش ويتسحاق فارسلاوف وشولي معلم وعميت هليفي وستروك من دعواتهم وتحريضهم اعلامياً وعلى منصات التواصل الإجتماعي وعلى صفحاتهم الخاصة،لأعضائهم وانصارهم للمشاركة في أوسع عمليات إقتحام والعودة الى ما يسمونه ببيت ” الرب” و” وجبل الهيكل”، بالإضافة الى رصد الجوائز المالية،لمن يتمكنون من النفخ في البوق في ساحات الأٌقصى،او إدخال قرابين الفصح النباتية الى ساحاته من ثمار حمضيات مجففة او سعف نخيل او أغصان صفصاف،وسيحرص المقتحمين وخاصة في رأس السنة العبرية ويوم ما يعرف بالغفران، أن تكون الإقتحامات بلباس الكهنة البيضاء من قبل حاخامات سيقودون الصلوات اليهودية في “الهيكل.
وفي عمليات الإقتحام تلك سيغلب على ملابس المقتحمين اللباس الأبيض، لأنه يعتبر لباس المتطرفين الأبيض الذي يحمل طبيعتين، فهو من جهة “لباس التوبة” التوراتي الذي يختص بأيام التوبة العشر، التي تبدأ من بداية رأس السنة، وتمتد حتى غروب شمس “يوم الغفران”.
وفي الوقت نفسه هذا يعتبر لباس طبقة الكهنة، وهم رجال دين من نسل “الكاهن هارون”، كما تسمي التوراة سيدنا هارون عليه السلام، ومهمتهم قيادة الصلوات اليهودية في الهيكل المزعوم”.
وهذا اللباس هو مظهر ديني توراتي، وإدخاله للأقصى مشابه لإدخال شال الصلاة والبوق و”الشمعدان”، ويعتبر مجرد اقتحام الأقصى به هو ممارسة لطقس توراتي في أقدس مقدسات المسلمين.
الأقصى تنتظره أيام ومناسبات صعبة وقاسية، سيكون فيها التصعيد غير المسبوق من قبل تلك الجماعات التلمودية والتوراتية ،للقيام بأوسع عمليات إقتحام ،ومن أجل إحداث نقلة نوعية،تكرس التقسيمين الزماني والمكاني فيه،وتفرض وجود قدسية وحياة يهودية على طريق إقامة “الهيكل” المزعوم بشكل عملي ،وهذا يحتاج الى مواجهة ومجابهة لهذه المشاريع والمخططات التهويدية تتجاوز بيانات الشجب والإستنكار الخجولة والمملة ومذكرات الإحتجاج والإستجداء على بوابات البيت الأبيض والمؤسسات الدولية،وهذا سيكون اختبار حقيقي ،هل هناك أمة عربية قوامها 400 مليون وإسلامية قوامها مليارين،أم هي امم افتراضية لا وجود لها في أرض الواقع….؟؟؟.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى