تاريخ ومزاراتحوارات و تقارير

“زي النهاردة”.. ترقية مخترع الكذبة التي قتلت صدام حسين ودمرت العراق

أميرة جادو

يصادف اليوم، ذكرى ترأس “كولن بأول”، أول أمريكي من أصل إفريقي، هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، في 11 أغسطس عام 1989، والذي استمر في صعوده إلى القمة ليصبح فيما بعد “رمزا للأكاذيب الأمريكية”.

كان الجنرال “بأول”، ابن مهاجرين من جامايكا، مقدرًا له الترقية مرة أخرى، بعد تعيينه في منصب وزير الخارجية الأمريكية في 16 ديسمبر 2000، وهو أول لأمريكي من أصل أفريقي يشغل هذا المنصب، وكان ذلك خلال عصر الرئيس جورج بوش الابن، عندما عين في أول سابقة في عهد الرئيس جورج بوش الأب.

والجدير بالإشارة أن “كولن بأول” توفي في عمر يناهز 84 عاما، وتحديدًا في 18 أكتوبر 2021 متأثرًا بإصابته بفيروس كورونا المستجد، حيث نعته عائلته قائلة: “فقدنا زوجا رائعا ومحبا وأبا وجدا وأمريكيا عظيما”.

ومن جانبها، وصفته وسائل الإعلام الأمريكية، بعد وفاته، بـ “جندي محترف” و”دبلوماسي عمل في عصر مضطرب”.

بدايات كولن بأول

ويشار إلى أن “بأول”، ولد في 5 ابريل عام 1937، وقد عاش حياته في أسرة فقيرة بجاميكا، حيث كانت والدته تعمل في الخياطة، بينما كان والده يبيع الملابس.

وحين بلغ “بأول” من العمر 4 سنوات، حقق والداه نجاح بسيط واستطاعوا الانتقال من حي “هارلم” في نيويورك إلى جنوب حي “ذا برونكس”.

ومنذ صغره، وكان “بأول” مولعا بالجيش الأمريكي ويحلم بأن يصبح عسكريا وقائدا مظفرا.

وتمكن “بأول” من التقدم في خدمته العسكرية وسرعان ما أصبح مدربا عسكريا وقائدا لكتيبة تدريب، والتحق لاحقا للعمل في وحدة أمريكية موجودة في ألمانيا.

وقد تم ارسال “بأول” إلى فيتنام مرتين، الأولى في عام 1962، وشغل وقتها منصب مستشارا في وحدة عسكرية تابعة للحكومة الموالية لأمريكا في جنوب فيتنام.

حرب دموية

ووصف في تلك الفترة، بأنه كان من المتحمسين لهذه الحرب الدموية وكان يرى أن القتال “بهدف النفوذ الأمريكي في كافة أنحاء العالم ينبغي أن يكون أكثر عنادا”.

كما عمل في البنتاغون، وأثناء وجوده بمنصب رئيس هيئة الأركان المشتركة، شارك في التخطيط لـ “غزو بنما” في عام 1990، والحرب ضد العراق في عام 1991.

وعندما تولى منصب رئيس للدبلوماسية الأمريكية حدثت هجمات 11 سبتمبر 2001.

أدلة كاذبة تدين صدام

وأثناء التحضير لغزو “العراق”، اخرج “بأول” خلال جلسة لمجلس الأمن تم عقدها في 5 فبراير 2003 ، أنبوب اختبار به مسحوق أبيض، وأظهر ما أكد أنها أدلة قاطعة على امتلاك صدام حسين، لـ “أسلحة بيولوجية”.

بعد شهر من تلك الجلسة، انطلقت عملية غزو العراق، وتم تدمير مقدراته في وقت لاحق ودخول البلد في دوامة من الفوضى واستمرار أعمال العنف، التي أودت بحياة مئات الآلاف من أبنائه.

بعد عام من استعراضه أدلة تدين “صدام”، خلال جلسة مجلس الأمن، وذلك بإظهار “أنبوب المسحوق الأبيض”، اعترف “كولن” بأنه كان مخطئا، قائلًا: “عندما قدمت التقرير في فبراير 2003، استندت على أفضل المعلومات التي قدمتها لي وكالة الاستخبارات المركزية”.

وتابع “كولن”: “لقد قمنا بدراسة ذلك بدقة وتم فحص مصادر البيانات المتعلقة بالمختبرات المتنقلة لإنتاج أسلحة الدمار الشامل على أساس الشاحنات والقطارات”.

المصادر غير صحيحة

واستطرد “كولن”: “لسوء الحظ، مع مرور الوقت تبين أن المصادر كانت غير صحيحة وخالية من الدقة، وفي بعض الحالات مضللة عمدا”.

وفي عام 2004، أجرى “كولن” مقابلة مع شبكة “إن بي سي”،  صرّح فيها قائلا: “أشعر بخيبة أمل شديدة وأندم على ذلك”.

ويجدر الإشارة إلى أن “كولن”، من حيث المبدأ، لم يكن مؤيدا لفكرة الغزو العسكري للعراق، ويقال إنه اقترح بدلا من ذلك سياسة لردع “صدام حسين”، ولكن كل ذلك لم يفيد، وهو بالطبع لن يعيد الحياة للضحايا، ولن يحقق معجزة تمنع الخراب الهائل الذي ألحق بهذا البلد، فالتاريخ كما هو معروف، يحاسب على النتائج لا النوايا.

والجدير بالذكر أن الأنبوبة التي وضعتها الاستخبارات المركزية في يده وهو على رأس خارجية بلاده، باتت نقطة سوداء في سيرة “كولن بأول”، ترسخت عواقبها صورته في مشهد يعتبر نموذجا للأكاذيب الأمريكية الرسمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى