قصة أول تفجير نووي في التاريخ.. من الدولة التي قامت به؟
أميرة جادو
تحدث “روبرت أوبنهايمر”، والد القنبلة النووية الأمريكية، عن تجربة أول تفجير نووي في التاريخ، بأنه تذكر عبارة جاءت في كتاب “الهندوسية” المقدس تقول: “أنا الموت المدمر العظيم للعوالم”!
والمثير للدهشة أن العالم والفيزيائي الأمريكي الذي أسس “مشروع مانهاتن” أوبنهايمر، كان تحت المراقبة بشكل مستمر من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالي بسبب تعاطفه الشديد مع الحركة “اليسارية”، إلا أنه وبالرغم من ذلك لعب دور هام في تمكين أمريكا من هذا السلاح الفتاك.
أول تجربة نووية في التاريخ
استذكر “أوبنهايمر” عن أول تجربة نووية في التاريخ، التي أجريت في 16 يوليو عام 1945 بقوله أيضا: “كنا نعلم أن العالم لن يكون كما كان، فعدد قليل من الأشخاص يضحكون، والبعض يبكون، بينما كانت الأغلبية صامتة”.
وقد بدأ التخطيط في مشروع “مانهاتن” النووي الأمريكي، في ربيع عام 1944، ولكن لم يكن المشرفين على المشروع لم متأكدين من نتائج أول تفجير نووي وأثيرت العديد من شكوك بشأن ما إذا كان من الصحيح صناعة القنبلة النووية قبيل تصميم قنبلة قتالية من هذا النوع في ذروة الحرب العالمية الثانية.
وبالرغم من أن “واشنطن” لم تتأكد من أن هذه التجربة الأولى لن تحرق الغلاف الجوي للأرض وتنهي العالم وتقضي على البشرية إلا أنها قررت خوض التجربة، حيث وضع العلماء الذين أشرفوا على أول تفجير، في اعتبارهم احتمال فشل القنبلة أو حدوث انفجار من دون انطلاق التفاعل النووي المتسلسل أو يمكن أم يحدث الانفجار بقوة ضعيفة.
حدوث تفجير في الغلاف الجوي للأرض
في تلك الأجواء المتوترة والمليئة بالغموض والخطر الشديد، تحدث إنريكو فيرمي، وهو أحد الفيزيائيين العاملين في مشروع مانهاتن، في الليلة التي سبقت التجربة النووية الأولى، عن إمكانية حدوث تفجير في الغلاف الجوي للأرض، بسبب القنبلة النووية والتي قد تقضي على العالم.
أجرت أمريكا، أول تجربة نووية لها في 16 يوليو 1945، تحت اسم “الثالوث”، وفجرت أول قنبلتها في موقع اختبار ألاموغوردو في نيو مكسيكو، ولحسن الحظ لم يحترق غلاف الأرض الجوي، إلا أنه ظهر خطر جديد يهدد حياة البشر وقد يدمر العالم.
اختبار أول قنبلة نووية
في ذلك الوقت، تقرر اختبار أول قنبلة نووية في موقع اختبار يقع على بعد حوالي 100 كيلومتر من منطقة “ألاموغوردو” في نيومكسيكو، نظرًا لقلة عدد سكانها، وكان أحد الشروط أن تكون المنطقة خالية من السكان الأصليين الهنود الحمر، وذلك بسبب العلاقات المعقدة والمتوترة في ذلك الوقت بين قيادة مشروع “مانهاتن”، الذي صنع القنبلة النووية الأمريكية، ومكتب شؤون الهنود الحمر.
القنبلة الذرية “الثالوثية”
تم تركيب القنبلة الذرية “الثالوثية” قبل يومين من الاختبار على برج فولاذي، ووضع أجهزة قياس الزلازل والكاميرات والأدوات التي تسجل مستويات الإشعاع والضغط على مسافات مختلفة عنها.
والجدير بالإشارة أن أول انفجار نووي في تاريخ البشرية وقع في 16 يوليو 1945 وتحديدًا في الساعة 5:30 بالتوقيت المحلي، وكانت قوة الانفجار 15-20 ألف طن من المتفجرات بما يعادل مادة تي إن تي. في الوقت نفسه، كان الضوء المنبعث من الانفجار يمكن رؤيته على مسافة 290 كيلومترًا من موقع الاختبار، ووصل الصوت لمسافة نحو 160 كيلومترًا.
تم إعداد هذه القنبلة النووية في تجربة “الثالوث” قبل يومين من الاختبار، على برج فولاذي بطول 30 مترًا وتم تثبيته على مسافات مختلفة، على رأسها أجهزة قياس الزلازل والكاميرات والأدوات التي تسجل مستويات الإشعاع والضغط.
الدخول إلى العصر النووي
وقع الانفجار النووي الهائل الأول، في 16 يوليو 1945، وكان بمثابة بوابة الدخول إلى العصر النووي، ولم يتأكد العلماء مما قد يحدث من مضاعفات على الأرض، وغلبت حماسة حصول أمريكا على سلاح فتاك، على المخاوف من الفناء.
رأى المشاركون في التجربة وميضًا ساطعًا لانفجار القنبلة النووية الأولى، واقتنعوا بوحشية الانفجار الذي ألقى بحاوية “جامبو” العملاقة التي وضعت فيها القنبلة، وكان وزنها 150 طنًا، بعيدًا عن مكان التجربة وكانوا بالطبع سعداء بنجاح التجربة.
سارعت أمريكا إلى تجربة القنبلة النووية استعدادًا لاستخدامها ضد اليابان، وقد خططت في الأصل لإسقاط 9 قنبال نووية قبل غزو واحتلال جزرها بأواخر سبتمبر 1945.
أمريكا تسقط أول قنبلتها على هيروشيما اليابانية
وهكذا ، أسقطت أمريكا أول قنبلتها على مدينة هيروشيما اليابانية، في 6 أغسطس من نفس العام، ظهرت قاذفتان أمريكيتان من طراز “بي – 29” في سماء المدينة، فدوت صفارات الإنذار، لكن السكان، الذين رأوا الطائرتين، اعتقدوا أن الغارة لم تكن كبيرة، وقد تكون مجرد طلعة استطلاعية.
عندما وصلت طائرتان أمريكيتان إلى وسط المدينة، أسقطت إحداهما المظلة المتأرجحة وغادرت. في الساعة 08:15 صباحًا، سمع صوت انفجار كبير يصم الآذان، وتحولت المدينة إلى أنقاض.
الاتحاد السوفيتي يختبر أول قنبلته النووية
لحسن الحظ، بعد أربع سنوات، تمكن الاتحاد السوفيتي من اختبار أول قنبلته النووية في 19 أغسطس 1949، ولم تعد الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تمتلك هذه الأسلحة المدمرة.
والجدير بالذكر أن الرعب النووي وضع حدا لمغامرات أمريكا النووية، ولم تستعمل سلاح الجحيم مرة أخرى على الرغم من أنها فكرت في ذلك بجدية أثناء “الحرب الكوية” عامي 1950 – 1953، ولكن التوازن النووي منعها من ذلك.