حوارات و تقارير

آثار فرعونية تمثل البدو..علاقات‏ القبائل العربية بصعيد مصر قبل الاسلام 

دعاء رحيل

لعبت القبائل العربية دورا بارزا في انتشار الإسلام والثقافة العربية في شتى الأقطار التى هاجرت ليها وغيرت كيان هذه الأقطار في جميع النواحى سواء في الناحية السياسية  والاقتصادية ٠‏ والإجتماعية والثقافية.

 

وقد بدأ هذا التغيير منذ بداية الفتوحات الاسلامية فى أوائل القرن الأول الهجرى فهزت هذه القبائل العالم أجمع ٠‏ وقلبت أحواله ظهرا على عقب , فنشرت دينا جديدا هو الإسلام » وقضت على كثير من البدع والخرافات المنتشرة فى هذا العالم فى ذلك الوقت » وكانت مصر من هذه الأقطار التى شرفها الله سبحانه وتعالى بالإسلام والقبائل العربية معا.

 

ترجع علاقات العرب بصعيد مصر إلى عشرات القرون قبل الاسلام » وتمثل هذه العلاقات جزءا كبيرا من علاقات العرب بمصر عامة » فبلاد الصعيد تقابل شبه الجزيرة العربية من الغرب » ولا يفصل بينهما سوى عبور البحر الأحمر. الأمر الذى جعل هذه العلاقات وطيدة على مر العصور.

 

ومن المعروف أن العرب يقنطون شبه الجزيرة العربية منذ أزمنة بعيدة وأطلق عليهم اسم ٠‏ العرب ٠‏ لأن الغالب عليهم صفة البيان والبلاغة » وقيل الأعراب أى سكان البادية » ثم أطلق لفظ العرب على عامة سكان شبه الجزيرة العربية ؛ ولما كانت شبه الجزيرة العربية من أشد المناطق حغافا وقيظا وفقرا ؛ فقد أدى ذلك إلى هجرة سكانها نحو البلاد المجاورة من وقت إلى آخر » كلما زاد عددهم » أو ضافت بهم هذه الأرض الصحراوية الوعرة » الفقيرة الموارد » ونتيجة لذلك لم تجتذب شبه الجزيرة العربية الفاتحين أو الغزاة من البلاد المجاورة أو البعيدة عنها ؛ لذلك ظل العرب محتفظين بدمائهم نقية على مر العصور.

 

 

وخرج العرب من شبه جزيرتهم على شكل موجات أو هجرات متعاقبة للبحث عن حياة أفضل » فمنهم من اتجه نحو بلاد الرافدين ؛ وبلاد الشام » ونحو بلاد النيل الخصيب » نظرا لخيرات هذه البلاد الوفير » واستقرت هذه الهجرات فى تلك البلاد النى نزحت إليها . وسرعان ما أصبحت من جملة عناصر سكانها » وساهمت في البناء البشرى والحضارى فيها.

 

ولقد جاء العرب إلى مصر من شبه الجزيرة العربية منذ عهود سحيقة ٠‏ وكانت شبه جزيرة سيناء الطريق الأول لقدوم العرب إلى مصر أما الطريق الثانى فهو طريق البحر الأحمر » حيث يقترب شاطىء شبه الجزيرة العربية » وشاطىء إفريقية عند باب المندب حيث تبلغ المسافة بينهما خمسة عشر ميلا.

 

ففى سنة3500ق.م‏ جاءت أقوام سامية من عرب آسيا » من شمال شبه الجزيرة العربية » وغزوا وإدى النيل » وأحدثوا بعض المتغيرات على الشعب الحامى – شعب مصر ما بين أسوان والبحر المتوسط (2) . وفى خلال عصر الأسرتين الأولى » والثانية الفرعونية ( 3200ق.م‏ ) » استطاعت مصر أن ترد غارات عرب الصحراء الشرقية الذين دأبوا على العبور من البلاد الشرقية أى من شبه الجزيرة العربية » واتخذرا الصحراء الشرقية مركزا لهم » وعاشت فيها قبائل عربية كثيرة ملذ زمن قديم » وكانوا يمثلون حلقة من حلقات السكان فى مصر على عكس ما يتصور البعض أنهم جاءوا مع الفتح العربى لمصر .

 

وقد عثر في آثار الأسرة الفرعونية الأولى على رسوم تمثل البدو. وكانت كلمة ( عمو) معناها بدوى أو آسيوى »ووجدت أيضا علاقات تجارية بين عرب حضرموت ٠‏ وعمان واليمن مع مصر وكانت كلمة بلاد بونت تشمل هذه البلاد مع الصومال .

 

وكان قدوم الهكسوس إلى مصر » فى أثناء عصر الأسرة الثالثة عشرة الفرعونية يمثل إحدى حلقات موجات العرب القادمة إلى مصر .لأن بعض المؤرخين وجدوا أدلة تثبت عروبة الهكسوس. وقدمت أيضا هجره عربية من قبائل حمير بعد عبورهم البحر الأحمر إلى وادى النيل . وكانت تمثل حملة على بلاد النوبة، وادي النيل.

 

كما جاءت هجرة عربية عن طريق البحر الأحمر واستقرت فى مدينة قفط » ووجدت نقوش ترجع إلى العصر الفرعونى موجودة على صخرة قرب مدينة إدفو ( التابعة الآن لمحافظة أسوان )؛ ونقش عليها صورة حاكم الأسرة الثالثة الفرعونية وهو يرسل كتائب من جيشه لصد هجوم هؤلاء العرب.

 

وذكر هيرودوت أثناء زيارته لمصر سنة445_448م. أن الاقسام الشرقية من مصر مأهولة بقبائل عربية وكان يطلق على الصحراء الشرقية الواقعة بين نهر النبل والبحر الأحمر بلاد العرب طيلة العصور الفرعونية.

 

 

 

وجاءت هجرات عربية إلى مصر واستقرت في الوجه القبلى » وخرج منها ملوك حكموا عاصمة ( طيبة ) مثل الملك أحمس وكامس » وقد جاءت هذه الهجرات أصلا إلى الصعيد عبر الصحراء الشرقية.

 

وفى عهد دولتى معين وسباً ( 650_1200ق.م) كانت هناك علاقات بين مصر وهاتين الدولتين » فكان للعرب يأتون إلى صعيد مصر عبر البحر الأحمر ومعهم تجاراتهم » ويصلون إلى بلدان مصر العليا . مثل طيبة وغيرها » وكان العرب القاطنون فى صحراء مصر الشرقية يحملون التجارة على الجمال فى قرافل تجارية متميناء القصير الى مدينة قفط » ومنها عن طريق نهر النيل إلى مدينة الإسكندرية. وحدث فى عهد الرومان زمن الإمبراطور دقلديانوس ( 284_305 ق.م) أن تعرض وادى النيل لغارات قام بها العرب » وكانت علاقات العرب مع مصر أحيانا تظهر بالجانب السلبي. ولكن سرعان ما يزول هذا للجانب عندما يسمح حكام مصر لهؤلاء العرب بمزاولة نشاطهم التجاري لُو بالاستقرار في وادي النيل » ومن تلك العلاقات أثرت اللغة السامية فى اللغة المصرية القديمة بنسة65٪ من أصل سامى ؛ وهذا يظهر أثر العرب في حياة الثقافة لدى للمصريين القدماء » وقبل الاسلام.

 

ويذكر المؤرخ اليونانى استرابون، أنن مدينة قفط احدى مدن صعيد مصر كانت في عهد البطالمة والرومان بلدة نصف عربية،وذكر كثرة التجار العرب بمدن الصعيد المختلفة» وإقامتهم بصفة دائمة فيها.

 

المراجع:

جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام

دكتور ممدوح عبد الرحمن :كتاب دور القبائل العربية في صعيد مصر

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى