تاريخ ومزارات

محمد قبادو: الرحالة الصوفي ورائد الإصلاح في تونس

في أحضان مدينة تونس العريقة، رأى محمد قبادو نور الحياة، وتنقل بين أروقة مدارسها الشهيرة ينهل من ينابيع العلم. لم تكن كتب التصوف بمنأى عن شغفه، فأخذته رحلة البحث عن الحقيقة إلى طرابلس، حيث أمضى سنوات يتتلمذ على يد محمد ظافر المدني، الشخصية البارزة في عالم التصوف. عاد إلى تونس بعد ثلاث سنوات، مزودًا بمعارف تؤهله للتدريس، ولكنه لم يتوقف عن السعي وراء العلم، فكان دائم الحضور في دروس جامع الزيتونة العظيم.

من هو محمد قبادو

توجه قبادو في رحلة إلى روما، ثم استقر به المقام في الأستانة، قلب الدولة العثمانية، قبل أن يعود إلى تونس في عام 1841. هذه الرحلات كان لها بالغ الأثر في تشكيل فكره، حيث انغمس في دراسة العلوم الرياضية واطلع على جوانب من التاريخ لم تكن معروفة في تونس. كما أن النقاشات الحية في العاصمة العثمانية أثرت في قدراته البيانية وصقلت مهاراته في الجدل والمحاجة.

يُذكر قبادو كأحد أبرز أعلام القرن التاسع عشر في تونس، وقد تجلى ذلك في شعره ونثره على حد سواء. لعب دورًا محوريًا كقائد للحركة الإصلاحية، وكان هو وخير الدين باشا الدافعين الرئيسيين لفكرة الإصلاح. أدرك قبادو جذور التأخر التي عانت منها الأمة، وبتفكيره العميق وجتهاده، قدم وصفًا دقيقًا للعلاج. وقد تجلت رؤيته للأمة في موقفين بارزين: الأول في نظرته للحكومة، والثاني في تقديره لأهمية العلوم.

في مقدمة طويلة لترجمة كتابين حول الحرب وتعبئة الجيوش، دعا قبادو إلى الاهتمام بالعلوم الرياضية، مؤكدًا على أهميتها في تقدم الأمم. وقد رأى أن الأوروبيين قد تغلبوا على الصعاب بفضل العلوم الرياضية، وأنهم مستمرون في تكريس جهودهم لها.

وعندما عاد إلى جامع الزيتونة، بذل قبادو جهودًا حثيثة في نشر أفكاره الإصلاحية بين زملائه الزيتونيين، مساهمًا في إثراء الفكر والثقافة في تونس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى