باحثة في الآثار تكشف أسرارًا جديدة عن فترة حكم الملك توت عنخ آمون
أسماء صبحي
ولد الملك توت عنخ آمون وتربى كأمير في تل العمارنة. وتعتبر مقبرة مربيته “مايا” من أجمل المقابر في سقارة من حيث النقوش. وذلك يدل على المكانة التي كانت تملكها في البلاط الملكي وفي قلب الملك الصغير “توت عنخ آمون”. وتزوج الملك الصغير من أخته غير الشقيقة ابنة نفرتيتي الرابعة “عنخ أس ان با آتون”. ويبدو من المناظر التي نقشت على قطع الملك أنه كانت تربطهم علاقة حب قوية. حيث نجد الملكة واقفة أمام توت عنخ آمون وتعطيه أزهارًا وتصطحبه في رحلات الصيد الملكية.
بداية حكم الملك توت عنخ آمون
وفي هذا السياق، تقول سارة محمد، الباحثة في الآثار المصرية القديمة. إن فترة حكم الملك “توت عنخ آمون” بدأت على نفس عقيدة أبيه. حيث نقش على العديد من متعلقاته الشخصية بمقبرته اسم “توت عنخ آتون” وليس “توت عنخ آمون”. وذلك يعني أن الإله آتون كان لا يزال الإله الأعظم في البلاط الملكي. وقام الملك الصغير بتغيير اسم زوجته واسمه باستبدال آتون بآمون واستطاع كهنة آمون أن يعيدوا إلههم إلى مكانته السابقة. وترك الملك الصغير العمارنة وعادت القيادة المركزية إلى طيبة في الجنوب ومنف في الشمال.
وأضافت سارة، أن أهم الأدلة التي كانت موجودة في تلك الفترة هي لوحة تحمل مرسوم ترميم. والذي يحكي عن حالة الانهيار التي وصلت إليها البلاد في عهد إخناتون. حيث أهمل المعابد وطقوس الأرباب، وعند تولى الحكم قام بترميم المعابد المهجورة. ونال الإله آمون رع مكانته السابقة في طيبة والإله بتاح في منف. وشارك أيضًا الملك الصغير في العديد من الطقوس والأعياد الدينية. مثل عيد الأوبت في الكرنك والأقصر، وتم تدوين ذلك على جدران معبد الأقصر. كما قام ببناء إضافات لمعبد الأقصر والذي كان قد شيده جده الملك أمنحتب الثالث.
هوايات الملك
وتابعت سارة، إن الملك توت كان من محبي الصيد، حيث شيد العديد من الاستراحات في مناطق عديدة. كما تعلم ركوب الخيل وقيادة العجلات الحربية والتي دفنت معه في المقبرة، وتدرب أيضًا في صحراء منف. وتم الكشف عن استراحته الملكية عام 1920م في الجيزة جنوب معبد الوادي الخاص بالملك خفرع. ويبدو أن الاستراحة ظلت مستخدمة منذ عهد الملك توت عنخ آمون وحتى عهد الرعامسة. وحصل الملك على خمسة أسماء ملكية مثل بقية الملوك. وأشهر هذه الألقاب وأهمها اسم العرش وهو “نب خبرو رع”. واسمه عند الولادة “توت عنخ آمون حقا إيونو شما”. والذي يعني “الصورة الحية لآمون حاكم هليوبوليس الجنوبية”.
وأشارت الباحثة في الآثار المصرية القديمة، إلى أن الملك لم ينجب من زوجته أطفال. ولكن عثر على جنينين في مقبرة الملك الأول لطفلة ماتت في الشهر السابع من الحمل. والثانية ماتت عند الولادة وتم تحنيطهما ووضعا داخل المقبرة في توابيت صغيرة. ولعل من أسباب مشاكل الولادة أنهما كانا قريبين من الناحية الوراثية. ومات الملك عن عمر لم يتجاوز الـ 19 عام دون أن يترك وريث شرعي للحكم مما أدى إلى حدوث فوضى في البلاد.
فترة انتقالية
وأوضحت سارة، أنه في تلك الفترة الانتقالية ضهر شخصيتان، وهما:
- الكاهن آي: والذي حمل لقب قائد المركبات وحامل مروحة الملك اليمنى. وأهم لقب له كان”أب الإله”، ومن المحتمل أنه كان عضو في عائلة نفرتيتي أو عائلة تي. كما قام بالإشراف على مراسم دفن الملك. ومن بعد ذلك استطاع أن يجلس على عرش البلاد وكان ولي العهد هو من أشرف على مراسم دفن الملك. وبعد الانتهاء من مراسم الدفن يصبح ولي العهد هو تجسيد للإله حورس على الأرض. وأهم هذه الطقوس هي طقسة فتح الفم والتي تهدف لإحياء وتجديد نشاط المومياء.
- القائد الحربي حور محب: والذي كان يحارب الحيثيين عند وفاة الملك. وكان متزوج من “موت نوجمت” وهي أخت الملكة نفرتيتي.
تحنيط جثة الملك توت عنخ آمون
وتابعت: “بسبب صغر سن الملك توت عنخ آمون عند وفاته فإنه لم يستطع أن يبني لنفسه مقبرة ضخمة في وادي الملوك مثل الملوك الباقية من قبله. وتم دفنه في مقبرة صغيرة 62KV، وكانت مخصصة لأحد نبلاء البلاط الملكي. وفي الغالب كانت مخصصة لآي، وتم تجهيز جسد الملك توت عنخ آمون للتحنيط في 70 يوم في مكان يسمى “بر نفر” أي البيت الجميل. حيث يقوم الكهنة بإزالة الأعضاء الداخلية من خلال فتحة في الجانب الأيسر للجسم. ويتم وضع الرئتين والكبد والمعدة والأمعاء في الأواني الكانوبية الأربعة. وكانت الأواني الكانوبية ذهبية موضوعة داخل صندوق من الألباستر مقسم إلى أربعة أجزاء. وتعلوه أربعة رؤوس للملك توت عنخ آمون. ويظل القلب مكانه لأنه مصدر التفكير والمشاعر عند المصريين القدماء. ويتم استخراج المخ عن طريق فتحة بالأنف حيث في اعتقاد المصري القديم لم يكن له وظيفة”.
وقالت: “بعد تحنيط الجسد يتم تزيين المومياء بما تحتاجه في العالم الآخر من حماية. وكانت الغالبية من الذهب والأحجار الكريمة، وتم تغطية الرأس بغطاء مزين بحيات الكوبرا الملكية. وتم وضع الصدريات والقلادات حول الصدر ومجموعة من الأساور حول ذراعه. وتم إضافة مجموعة من الخناجر الحديدية عند منطقة الخصر، وبعد ذلك يتم إنزال الجسد إلى حجرة الدفن. ووضع المومياء ومعها جميع أغراض الملك توت عنخ آمون التي سوف يحتاجها في العالم الآخر. وفي النهاية يتم إغلاق المقبرة وختمها بأختام حرس جبانة وادي الملوك. في محاولة للحفاظ عليها من الانتهاك”.