ناقد فني يروي قصة الفنان الذي عمل بالسلك الديبلوماسي وتبرع بثروته لدار الأوبرا
أسماء صبحي
ولد الفنان سليمان بك نجيب، في أسرة أنجبت العديد من الشخصيات المرموقة. فهو ابن الأديب الكبير مصطفى نجيب، وخاله هو أحمد زيور باشا من رؤساء وزراء مصر. اعتني والده بتربيته وتثقيفه، فنشأ وفي روحه نزعة فطرية نحو الفن والتمثيل. أحب التمثيل منذ أن كان تلميذاً فى المدرسة التحضيرية بدرب الجماميز بالسيدة زينب.
التحق بكليه الحقوق، وإنضم إلى جمعية أنصار التمثيل، ثم ترك المحاماة وانضم إلى فرقه عبدالرحمن رشدي، وفرقه الشيخ سلامة حجازي. مما صدم أسرته فدفعته إلى العمل فى السلك الديبلوماسي وإبعاده عن التمثيل. ولم يقم بالتمثيل إلابعد وفاة والدته احتراماً لرغبتها. وصعد المسرح في عهد كان يتعذر على أمثاله من الأسر المحافظة العمل في ميدانه.
بدايته الفنية
ويقول الناقد الفني مصطفى الكيلاني، إن الفنان سليمان نجيب بدأ حياته الفنية بكتابة المقالات في مجلة الكشكول الأدبية. تحت عنوان “مذكرات عربجي” منتقداً متسلقي ثورة 1919. وعمل في سكرتارية وزارة الأوقاف، ثم نقل إلى السلك الدبلوماسي وعمل قنصلاً لمصر في السفارة المصرية باسطنبول. إلا أنه عاد إلى مصر والتحق بوزارة العدل وعين سكرتيراً فيها.
وأضاف الكيلاني، أن الفنان المصري شغل أيضاً منصب رئيس دار الأوبرا المصرية في القاهرة (دار الأوبرا الملكية). وكان أول مصري يتولى هذا المنصب، وقد أدارها بكل حزم ووجه أعمالها نحو الغاية المثلى. مشيراً إلى أنه حصل على لقب ” بك ” من الملك فاروق، وهو أول فنان مصري يطلق عليه الملك فاروق لقب البكوية.
وتابع الكيلاني: “كان الملك يهوى الهزار معه. وربما كان أشرس هزار ملكي يوم اندفع فاروق بسيارته الحمراء مسرعا تجاهه وسط فناء سرايا عابدين. فقفز سليمان بكل ما استطاع من قوة لينجو من صدام محقق كاد يودي بحياته. وعندما استدار ناحية السيارة لمح فاروق مقهقها ساخراً من مظاهر الذعر البالغة التي بدت على وجه الهارب من الموت”.
حياة الفنان سليمان نجيب الخاصة
وأشار الكيلاني، إلى أن سليمان نجيب استمر رئيساً لدار الاوبرا حتى وصل لسن المعاش عام 1952. فقامت حكومة الثورة تقديراً لخدماته بمد فترة خدمته مديراً لدار الأوبرا لمدة عامين. إلا أنه قدم استقالته بعد العام الأول من مد خدمته بعدما أوقع به أقرب أصدقائه موجها إليه أبشع اتهام تلك الأيام. بأنه كان من أشد المخلصين للعرش في العهد البائد. ولذا لا يستحق من رجالات الثورة أية مراعاة أو تكريم. فقم استقالته في حفل حضره رجال الثورة.
وأوضح الناقد الفني، أن الفنان سليمان نجيب لم يفكر يوماً في الزواج، وأضرب عنه. لاعتقاد منه أن شريكة حياته قد تسبب له مشاكل هو في غنى عنها. إذ كان يعتقد أن كل النساء مخالفات ومناكفات. كما كان متخوف أن ينجب أطفال يعيشون في جو من الفقر حال واجهته أي ظروف تؤثر على مستواه المادي.
وقال إنه عمل في المسرح وفي السينما وتألق نجمه وكان بطلا في كل الأدوار التي مثلها. ورغم أن مرتبه كان كبيراً وأرباحه كثيرة فإنه لم يدخر شيئاً. وكان جريئاً صادقاً وفياً أديباً فصيح اللسان، عالي التهذيب، وكان صديقا للزعيم مصطفى كامل.
أشهر أعماله
وعن أشهر أدواره كان في فيلم غزل البنات عام 1949 م، وكان دوره سعادة الباشا مراد. وقد أدى هذه الشخصية بكل ارستقراطيتها مع خليط من طيبة القلب وخفة الدم الفطريه لديه. فلم يكن متشدقاً ولا مبالغاً في الأداء مما يطيح بعذوبة الشخصية فاستحق بذلك النجومية الفذة في ذلك الفيلم. ورحل عن عالمنا في 18 يناير عام 1955 عن عمر يناهز 62 عاماً. تاركا وراءه أكثر من 40 مسرحية ما بين تمثيل وتأليف وحوالي 52 فيلماً. وأوصى بثروته لدار الأوبرا المصرية.