تاريخ ومزارات

“كنارة”.. . آلة موسيقية شعبية صنعت منها “السمسمية” المعروفة عند بدو سيناء

دعاء رحيل

تعد الموسيقي الشعبية بشقيها الغنائي والآلي، جزء لا يتجزأ من ثقافة أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية. فهي تعتبر مرآة واضحة تعكس من خلالها السمات الثقافية والملامح التاريخية لهذه المجتمعات التي تنتمي إليها هذه الثقافة. كما تعد الآلات الموسيقية، وخاصةً الشعبية. مظهرًا مهمًا من مظاهر الحياة لدى شعوب العالم القديم والحديث. مرجعًا تاريخيًا هامًا في التدليل على ما تركته لنا هذه المجتمعات الإنسانية الأولية من آثار مادية شاخصة تعبر عن ذلك التراث الثقافي الذي يتمثل في العشرات إن لم يكن المئات من الأدوات التي تحولت بفعل المعرفة الإنسانية المتراكمة إلي آلات. وهي تلك الآلات التي كانت في الماضي بدائية الفكرة. محدودة الإمكانيات، بسيطة الصناعة، تنبعث منها أصواتًا ساذجة في أدنى درجاتها، لا تحمل في جوهرها الكامن أي قيمة فنية من الناحية الموسيقية. إنما كان الهدف من ورائها “الوقاية من مخاطر بعض الظواهر الطبيعية وطرد الأرواح الشريرة أو استعطافًا لتلك القوى الخارقة للطبيعة”. التي لا يفهم لها معني أو يدرك لها تعليلاً أو يعرف لها سببًا. دون تأثر الإنسان ذاته بها معنويًا أو روحيًا بما تحمله هذه الموسيقي من أصوات.

علم “الثقافات والحضارات الإنسانية”

وفي هذا السياق قال محمد أبو شنب باحث أكاديمي في مجال الدراسات الشعبية أن المجتمعات الإنسانية الأولية التي سكنت على ضفاف وادى النيل المصري . قد تركت لنا ثوابت تاريخية كثيرة تدل بصفة قاطعة على أن هؤلاء المصريين الأوائل قد عرفوا الموسيقي وربطوها بالرقص والعبادة. وفي علم “الثقافات والحضارات الإنسانية المقارنة” أجمع العلماء على أن مصر القديمة. كانت تعرف الموسيقي منذ تلك العصور مرورًا بجميع حقبات التاريخ المصري القديم كله. بل وذكروا أيضًا أن مصر كانت الرائدة والسباقة في تطوير الموسيقي، سواء من ناحية ابتداع وتطوير صناعة الآلات الموسيقية، أو من ناحية تطوير استخدام الموسيقي في معظم مناحي الحياة الاجتماعية. حيث استخدمت في ممارسة الطقوس العقائدية والعبادات الدينية. وكذلك في التربية النفسية والتعليمية وفي الكثير من الحفلات الترفية والمرح والترويح عن النفس وإشاعة البهجة والسرور، خصوصًا بعدما إقترنت بالشعر والرقص والغناء.

كنارة في الدولة المصرية الوسطى

كما نوه أبو شنب، أنه في زمن  الدولة المصرية الوسطى، عرفت  آلة (الكنارة) والتي عرفت بأنها  ذات الأوتار المطلقة، وهي تلك الآلة التي تعرف حاليًا بين آلات الموسيقة الشعبية بـ (الطنبورة) ومنها اشتقت صناعة آلة (السمسمية) الوترية المعروفة والمنتشرة في مدن القنال. حيث كانت تسمى باللغة المصرية القديمة بـ (كنر)، ومنها اشتق لفظ التسمية بالعبرية (كنور)، ثم عرفت بالعربية (كنارة)، حيث يتم صناعتها من الخشب، ثم تشد أوتارها في مستوى الصندوق الرنان. بحيث تنحصر داخل اطار خشبي غير منتظم الأضلاع. أحد ضلعيه الجانبين أقصر من الضلع الأخر المقابل له. ويقطع هذين الضلعين الجانبين ضلع ثالث أمامي مائل، كما تثبت الأوتار من أحد طرفيها في الصندوق الرنان. وأما الآخر الثاني للأوتار فيثبت في القضيب الأمامي بواسطة حلقات تنزلق عليه. وليس لهذه الآلة أوتاد تضبط بواسطتها كما هو الحال في سائر الآلات الوترية الأخرى. إنما يجرى ضبط أوتارها عن طريق تلك الحلقات. إذ بانزلاقها ناحية الضلع الجانبي القصير يزيد صوت الوتر غلظاً. وعلى العكس إذ كان انزلاقها ناحية الضلع الجانبي الطويل يزيد صوت الوتر حدة.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى