حوارات و تقارير

“تماسيح النيل”.. كنوز أهالي النوبة تجذب السياحة وتمنع الحسد.. والأهالي: عادة توارثناها من الأجداد وتعجب الزائرين

أميرة جادو

تعتبر تربية الحيوانات الأليفة فهذا من الأمور الطبيعية داخل العديد من المنازل فلا يمكن أن يقع منها خطر بالغ، ولكن الغريب وعلى غير المعتاد هو تربية حيوانات مفترسة خاصة إذا كانت تمساح من أشرس الزواحف الحية يتم تربيته داخل البيوت ويحرص الزوار على التقاط الصور التذكارية معه، فما هي القصة وراء تربية التماسيح في البيوت النوبية.

“التماسيح دليل على القوة”

"تماسيح النيل".. كنوز أهالي النوبة تجذب السياحة وتمنع الحسد.. والأهالي: عادة توارثناها من الأجداد وتعجب الزائرين

 

في البداية، يقول عمرو محي الدين، أحد أبناء النوبة بأسوان، لـ “صوت القبائل العربية”، إن معظم منازل النوبة في غرب سهيل تحرص على تربية التماسيح، وخاصة تلك المنازل التي تستقبل السائحين الأجانب والمصريين طوال السنة، وهذا الشيء من ضمن المزارات الموجودة في غرب سهيل، وجاءت فكرة تربية التماسيح كمزار سياحي، من إرث الأجداد في النوبة الذين كانوا يربون التماسيح في البيوت دليل على القوة، ثم عادت الفكرة من جديد لجذب آلاف السائحين سنوياً إلى قرى النوبة، مشيرًا إلى أنه لم يكن تربية التماسيح بالأمر السهل الذى يمكن تقليده في باقي البيوت والمجتمعات، ولكن أهل النوبة اعتادوا على ذلك نظراً لما توارثوه من الأجداد وخبرتهم في تربية التماسيح داخل المنازل.

وأوضح “محي الدين”، بأن التماسيح يأتون بها أهل النوبة من النيل وكانت منتشرة بكثرة قبل بناء السد العالي والذى حجزها للبحيرة لذا اعتاد الأجداد على اصطيادها، وخاصة الصغير منها ووضعها في قفص داخل المنزل مبنى جدرانه المرتفعة بطول متر واحد فقط من الأسمنت وأرضيته من البلاط التي تسمح بتوصيل المياه له حتى يعيش في بيئة أشبه بالتي كان عليها في ضفاف النيل، وسقفه من الحديد الذى يمكن فتحه وإغلاقه مرة أخرى لوضع الطعام أو إخراج التمساح.

“يصومون عن الطعام 3 أشهر”

وعن نوع طعام  الذي تتناوله “التماسيح” وطريقة تغذيتهم والعناية بهم، يوضح الحاج ممدوح أحمد، صاحب منزل بقرية غرب سهيل في أسوان، أن التمساح يتناول السمك أو اللحوم بمعدل من 3 إلى 5 كيلو سمك يومياً، وعادةً ما يتناول كل يومين وجبة خاصة خلال فترة الصيف، أما في فصل الشتاء يتناول كل ثلاثة أو أربعة أيام تقريبًا، بينما يمتنعون عن الطعام لمدة 3 شهور وهى فترة “البيات الشتوي” للتمساح، مشيرًا إلى أنه عند بلوغ التمساح عمر شهرين يعلمون أنه يريد يتناول الطعام من حركاته وعدة علامات أخرى، وذلك بعد مرور 3 أشهر بعد خروجه من بيضته، وأنهم يعودوا التماسيح على تناول الأسماك كطعام أساسي لهم أو أي شيء يتم تقديمه، وأن التمساح من الحيوانات الفاقدة لحاسة التذوق.

“تمنع الحسد وتجلب الخير”

وأضاف “ممدوح”، أن زوار القرية من السائحين الأجانب والمصريين يقضون وقتاً ممتعاً داخل قرية غرب سهيل ويحرصون على التقاط الصور التذكارية و”السيلفي” مع التماسيح داخل البيوت ويعجبون من هذا الأمر الغريب في المجتمعات المختلفة، ويستمتعون من المرشدين السائحين المرافقين لهم عن قصص تربية التماسيح في النوبة، فهي ضمن العادات المتوارثة من الأجداد بهدف منع الحسد وجلب الخير إلى البيوت.

“تحنيط التماسيح بعد الموت”

"تماسيح النيل".. كنوز أهالي النوبة تجذب السياحة وتمنع الحسد.. والأهالي: عادة توارثناها من الأجداد وتعجب الزائرين

وفي السياق ذاته، لفت صابر عسكر، أحد أهالي قرية غرب سهيل بالنوبة، لـ “صوت القبائل العربية والعائلات المصرية” إلى رغبة بعض السائحين في شراء هذه التماسيح، إلا أن الناس تؤكد لهم أنه محظور بيئياً، وكذلك تحرص البيئة على عدم إطلاق هذه التماسيح في الشوارع أو ترك العنان لها نظراً لخطورة الأمر، بجانب حرص البيئة على التأكد بنفسها في حال وفاة التمساح والذى يعيش في الغالب نفس عمر الإنسان لذلك في النوبة يعتبرونه “الوفي” لأنه يولد ويموت في عمر الإنسان مثلاً 60 أو 65 أو 70 سنة، وتأتى البيئة للتأكد من خبر وفاته بعد أن يتم حفظه في درجة حرارة باردة “ثلاجات” لحين الانتهاء من إجراءات دفنه.

وأوضح “عسكر” بأن بعض التماسيح يتم تحنيطها بعد موتها وتوضع على واجهة المنازل، أو يتم تحنيط جزء منها كالرأس ووضع مصباح داخل فمه، وإضافة بعض الرسومات حول الرأس المحنطة الموضوعة أعلى باب المنزل، في إشارة ودلالة على القوة التي يظهر بها أهل هذا المنزل، علاوة على إعجاب الأجانب بهذه الطقوس النوبية والمزارات الأخرى التي يشاهدونها في القرى النوبية فقط من ركوب الجمال وتناول الأطعمة النوبية والرسومات والمشغولات اليدوية البيئية والمنتجات الأسوانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى