تاريخ ومزارات
الملكة “تي”.. أشهر الملكات في مصر القديمة وهذا دورها السياسي
أسماء صبحي
يعتبر تمثال الملك أمنحتب الثالث والملكة تي، تمثالاً جماعياً لأسرة الملك أمنحتب الثالث وزوجته الملكية تى وبناته الثلاثة، وهو أضخم تمثال جماعى تم نحته.
والملكة تي، هي زوجة الملك أمنحتب الثالث، وتعتبر من أبرز الملكات في تاريخ مصر القديمة نظرًا لما قامت به من دور هام في عصرها، وتزوجت “تي” من “أمنحتب الثالث” في العام الثاني من حكمه، وكانت فتاة من عامة الشعب ولا تمت بصلة إلى الاسرة المالكة ،فوالدها كان يعمل كاهناً بسيطاُ للإله “مين” بأخميم، وأمها كانت تشرف في القصر على ملابس الملك، وقد قامت الملكة “تي” بأخطر الأدوار خاصة في أخريات أيام زوجها وأوائل أيام ولدها أمنحتب الرابع ( اخناتون ).
معاملة الملوك لزوجاتهم
وكان أمنحتب الثالث يعامل زوجته بطريقة تختلف عما شهدته مصر من معاملة الملوك لزوجاتهم، فلم تكن الزوجة الملكة تظهر بجانب زوجها الإله في التماثيل والرسوم إلا في مناسبات معينة، وعلى أن تحتضن الملكة وبتواضع ساق زوجها فتبدو صغيرة الحجم كأنما هي شخص لا أهمية له، وإن حدث أن ظهرت بجانبه فيجب تمييز صورة أو تمثال الملك بحجم كبير بالنسبة إلى الملكة.
غير أن الأمر في عصر أمنحتب الثالث قد اختلف كثيراً، فقد رأينا الملكات تقام لهن التماثيل مع أزواجهن، ولعل في تمثال الملكة “تي” الضخم (والمحفوظ بالمتحف المصري بالقاهرة)، والذي يمثلها جالسة بجانب زوجها أمنحتب الثالث دون أي تمييز عنه في الحجم أصدق دليل على ذلك، إنه سمح لزوجته الأثيره بأن تكتب اسمها داخل خانه ملكيه بأول النصوص الملكية.
شخصية الملكة “تي”
ولقد كانت “تي” تتمتع بشخصية قوية وباحترام كبير لدى زوجها، ومما يدل على ذلك هو الإعلان الملكي الذي أصدره بمناسبة زواجه الثاني من الأميرة الميتانية “جيلوخيبا” ابنة “شوتارنا” ملك دولة متياني.
وهكذا لم يفت الملك في هذه المناسبة التي عقد فيها زواجه السياسي على أميرة أجنبية، وبعد مضى ثماني سنوات على زواجه من “تي” أن يذكر اسمها بل واسم أبيها وأمها، مؤكداً بذلك تفوق مركزها، وكان أمنحوتب الثالث يلبي أغلب الظن كل طلبات زوجته الملكة تي.
ونعرف من نقش على جعران له أنه بعد سنة من زواجه بالأميرة الميتانية، أي في العام الحادي عشر من حكمه، قد أمر ان تحفر لها بركة كبيرة مساحتها 3700 × 700 ذراع مصري ( الذراع المصري 52 سم ) لكي تتنزه فيها بزورقها، وقد تم حفر البركة في أسبوعين، وهو أمر قد يصعب تصديقه وخاصة إذا اتخذنا في الاعتبار أن البركة المشار اليها هي بركة هابو الواقعة في البر الغربي بطيبة.
دور الملكة “تي” السياسي
وقد لعبت الملكة “تي” دوراً كبيراً كأهم الملكات اللاتي اشتغلن بأمور السياسة الخارجية وذلك في عهد زوجها وأبنها، ويدل على ذلك الكثير من الشواهد وأهمها الرسائل التي دارت بينها وبين حكام وأمراء الإمبراطورية المصرية مترامية الأطراف في عهد زوجها أمنحتب الثالث، واستمر أولئك الأمراء يراسلونها بشخصها ولمحورية دورها ودرايتها الواسعة بمجريات الأمور، وذلك فيما يعرف برسائل العمارنة.
كما دلت شواهد الأمور على أنها قد ظلت حتى أواخر حكم زوجها ذات شأن كبير لا في القصر فحسب بل وفي توجيه سياسة الإمبراطورية كلها، حتى بات ذلك الأمر معروفًا عند الأمراء والحكام في أقاليم الشرق، فكانوا يقدرونها ويبعثون إليها برسائل الود ويعرفون مركزها السامي في البلاد.