دستور البادية.. وقوانين العرف القبلي
كتب – حاتم عبدالهادى السيد
بداية، لم يكتب البدو قانونهم العرفى في ورق، بل عرف سائد يعتمد على فراسة القاضي. ولكنها احكام توارثوها عن الجدادن وهى احكام يجب تنفيذها بمجرد اصدار القاضى العرفى حكمه، وهناك نظام مخصوص للقضاء. وهناك مساعدين للقاضى، وهناك أمور يحكم فيها القاضى.
ومن هذه القضايا ما يلي:-
روابط القبائل وحفظ النسب والعصبية
بدو سيناء كسائر البدو يعنون بحفظ أنسابهم ويتفاخرون بها ويبالغون في استقصائها حتى يردُّوها إلى الآباء الأولين. وأقرب أسباب العصبية عندهم الأبوة والأخوة والعمومة ومنها تتألف العائلة، ومن العائلات تتألف الفصيلة. ومن الفصائل يتألف الفخذ، ومن الأفخاذ يتألف البطن، ومن البطون تتألف العمارة، ومن العمائر تتألف القبيلة. ومن القبائل يتألف الشعب وهو النسب الأبعد.
ثم إن القبائل يتعصب بعضها لبعض حسب ارتباطها في العصبية، فتجتمع القبائل أو فروعها الأقرب فالأقرب على الأبعد فالأبعد. أي تجمع الفصائل من الفخذ الواحد على فخذ آخر ولو كانوا جميعًا من بطن واحد. والأفخاذ من العمارة الواحدة على عمارة أخرى ولو كانوا جميعًا من قبيلة واحدة، وهكذا.
سمات القبائل
ولكل قبيلة من قبائل البدو سمة خاصة تسم بها إبلها وحميرها وغنمها، أي تضع عليها علامة ما بميسم كيًّا بالنار. وذلك في الرقبة أو الرأس أو الصلب، وأمَّا الخيل والبقر فتترك بلا وسم.
حدود القبائل
ولكل قبيلة جهة محدودة من الجهات الأربع معروفة عندهم بعلامات طبيعية بارزة. وفي الجهات التي ليس فيها علامات بارزة يضعون رجومًا من الحجارة للدلالة على الحدود.
المراعي والمياه
ولكل قبيلة مراعٍ ومياه وأراضٍ زراعية معروفة، أمَّا المراعي والمياه فمشاع لجميع القبائل. فلا تمنع قبيلةٌ قبيلةً أخرى عن مراعيها ومياهها إلَّا في زمن الحرب. وأمَّا الأراضي الزراعية فهي ملك لأفراد القبائل، فلا يتعرض أحدهم لأرض غيره ولا يزرعها إلَّا بإذنه.
وفي عرفهم أنه إذا اكتشف أحدهم ماء لم يكن معروفًا أو احتفره في مكان لم يكن فيه من قبل أصبح الماء ملكًا له وأقام بجانبه رجمًا ووسمه بوسمه. وإن كان بقرب الماء أرض صالحة للزراعة استولى عليها وزرعها لنفسه، هذا إذا كان الماء في أرض قبيلته. وإلَّا فإذا كان في أرض أجنبية حق له الانتفاع به كغيره من أبناء القبيلة التي وجد الماء في أرضها، ولم يكن له حق بالأرض التي حوله.
الحِلف والقلَد
وكل قبيلة من قبائل سيناء مرتبطة بسائر القبائل بحلف أو قلد، ولها «حسيب» حافظ لعهودها مع القبائل. ويعرف بالعقيد أو بنقَّال الأقلاد أو نقَّال العلوم، أمَّا «الحلف» فهو المحالفة بعينها. وهو معاهدة دفاعية هجومية، وأمَّا «القلد» فهو معاهدة سلمية لمنع الحرب أو الغزو وحفظ السلام بين القبائل.
ويشترط في من يُعقد عنده الحلف أو القلد أن يكون «مشهور مذكور وسيع المراح راعي مال وعيال»، ويدعى «راعي البيت» وبيته «بيت العمارة»، وهو الشاهد الحكم بين المتعاهدين، ويورث علمه هذا للراشد من أولاده.