نار الحرب الروسية تحرق قلوب أهالي المصريين في أوكرانيا.. و”الهجرة” توجه رسالة للطلاب العالقين
أسماء صبحي
بالرغم من الجهود الدائمة التي تبذلها السفارة المصرية في أوكرانيا، وغيرها من الجهات المعنية فى مصر، وفي مقدمتها وزارات الخارجية والهجرة والتعليم العالي، لمساعدة الطلاب المصريين فى أوكرانيا، تنفطر قلوب العديد من الأسر المصرية على أبنائها، حتى أصبحت قلوبهم فارغة من الهم، معتبرين أن نيران الحرب أصابت قلوبهم قبل أن تندلع فى كييف وغيرها من المدن الأوكرانية.
المكالمة الأخيرة
ومن جهته، قال عزت محمد، ابن خال الطالب أحمد عصام بندق الءي يدرس في الفرقة الرابعة فى كلية الطب التابعة لإحدى الجامعات الأوكرانية، إنه منذ بدء العملية العسكرية الروسية لم تتوقف استغاثات العائلة التي حاولت مراراً وتكراراً التواصل مع ابنهم، لكن دون أي جدوى، خاصةً مع انقطاع الاتصالات منذ عصر الخميس الماضي.
وأضاف أن المكالمة الأخيرة بين خاله وابنه التي جرت ظهر الخميس الماضى، بعد بدء الهجوم الروسي بساعات، كانت الأصعب على الإطلاق، ولم يتمكن أحد من العائلة التماسك أثناءها وبعدها، وكأنها المكالمة الأخيرة على الإطلاق، قائلاً: “اقتصرت المكالمة على كلمات الوداع فقط، وتركت حالة كبيرة من القلق، التى تزايدت بصورة ملحوظة بحلول ما بعد عصر الخميس، فمنذ ذلك الوقت وحتى الآن لا نعرف مكان ابن خالى، كما أنه أخبرنا فى المكالمة الأخيرة بانقطاع الكهرباء والمياه في المنطقة التى يسكن فيها، فضلًا عن انهيار العقار المجاور له، جراء إطلاق صاروخ عليه”.
لحظات مرعبة
فيما قالت والدة الطالب عبدالرحمن عادل الذي يدرس طب الأسنان فى أوكرانيا، إنه منذ بدء الحرب وهي تبكي، وتتمنى أن تمد يدها إلى هناك وتنقذ ابنها، متابعة: “أرسلت ابنى إلى أوكرانيا كى يتعلم، لا ليعيش لحظات الرعب هذه.. لا ذنب له كى يشهد هذه المأساة”، موضحةً أنها تستخدم وسائل التواصل الاجتماعى للاطمئنان على ابنها.
وأضافت، أن ابنها وأصدقائه فكروا في الذهاب إلى الحدود البولندية، على بعد ٩٠٠ كم متر من موقعهم الحالي، حتى يستطيعوا العودة إلى مصر، لكن الظروف لم تسمح لهم بذلك، موضحة: “أبحث عن أي فرصة لاستعادة ابني، وأناشد السفارة المصرية هناك مساعدتي.. لو ما ينفعش هو يجي أروح له أنا”.
الوضع خطير
في السياق ذاته، قال حسام عبدالشافي، والد طالب في أوكرانيا يدعى “محمد”، إن نيران الحرب تشتعل في قلبه وليس في كييف، مشيراً إلى أن ابنه الذي يدرس الطب هناك أصبح في خطر كبير، وهو كأب لا يستطيع مساعدته، قائلاً: “ابنب يتمنى أن يصبح طبيبًا كبيرًا ومشهورًا لينقذ حياة الناس، وهو محافظ على تفوقه منذ سنوات، وأصبح الآن فى الفرقة الخامسة، ولا أريد من الدنيا سوى رؤيته واحتضانه”.
وكشف حسان عن تفاصيل آخر مكالمة هاتفية تلقاها من ابنه في اليوم الأول للحرب، وعلم خلالها مدى صعوبة الوضع هناك، موضحاً: “بالكاد سمعت صوته، فأصوات الصواريخ والمدافع أعلى من أصوات الناس، شعرت كأنني فقدت عقلى حينما علمت بأن ابني وزملاءه تركوا مسكنهم لأنه غير آمن، ويبحثون الآن عن مأوى، والصواريخ والطائرات والقذائف تحلق فوق رءوسهم، حتى اضطروا فى النهاية إلى الاختباء تحت الأرض، داخل محطة مترو فى مدينة خاركيف”.
رسائل وزارة الهجرة
وفي إطار المتابعة المستمرة لموقف أبنائنا في أوكرانيا، عقدت السفيرة نبيلة مكرم عبد الشهيد وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، لقاء عبر تطبيق “زووم”، مع الطلبة الدارسين لطمأنتهم، مؤكدة أن الحفاظ على حياتهم له الأولوية القصوى، ونقلت لهم متابعة القيادة السياسية بصورة يومية للمستجدات وإصدار تكليفات بدراسة موقف الطلاب المصريين لبحث كافة البدائل المتاحة للحفاظ على المستقبل الدراسي لأبنائنا في ضوء ما تشهده أوكرانيا من تطورات الأحداث الجارية.
وطلبت وزيرة الهجرة من الطلاب الدارسين تسجيل البيانات وإرسالها للوزارة مدون بها السنوات الدراسية والتخصصات التي يدرسون بها، حيث تم إعداد كشوف لموافاة وزارة التعليم العالي بها ودراسة موقف الطلاب، والبدائل المختلفة، حرصاً على مستقبلهم.
وخلال اللقاء، تواصلت الوزيرة مع نحو ٦٠ من الطلاب المصريين في مدينة “خاركوف”، لطمأنتهم لحين الوصول لآلية تحرك بأمان إلى الحدود حتى يتسنى مغادرتهم من أوكرانيا إلى دول الجوار، بعد تنسيق الجهود مع الخارجية المصرية وممثلي الجالية المصرية هناك.
وأكدت وزيرة الهجرة حرصها على متابعة آخر المستجدات والاطمئنان على أوضاع أبناء الجالية المصرية في أوكرانيا في ضوء تطورات الوضع بالأزمة الروسية-الأوكرانية.
وخلال اللقاء، حرصت السفيرة نبيلة مكرم على الاطمئنان على الطلاب المغادرين من مدن مختلفة، أو الموجودين في أماكن الاختباء، كما تابعت موقف الطلاب في مدينة “سومي” والتي تضم عشرات الطلاب المصريين، للتنسيق مع ممثلي الجالية المصرية وانتظار تعليمات السفارة المصرية قبل التحرك حفاظًا على حياتهم.
وأهابت وزيرة الهجرة بالمغادرين من دول وسط وشرق اوكرانيا أن يتفهموا الأمور، والالتزام بتعليمات الحظر والمخابئ، وعدم التحرك دون تنسيق مسبق، حرصاً على سلامتهم، مؤكدة العمل على كافة المحاور بالتوازي وسط ظروف في غاية الدقة والصعوبة.
وأضافت: “أننا نتابع أعداد المصريين الذين قاموا بالتحرك من الأماكن الأكثر استقرارًا، والتأكد من سلامة أبناء الجالية المصرية في مختلف المدن الأوكرانية، وموقف المصريين العابرين إلى الحدود الأوكرانية-الرومانية والبولندية والمجرية والسلوفاكية”.