“الطنب السابح”.. لطائف البدو في معاملة الجار
أميرة جادو
احتل الجار مكانة عالية عند العرب منذ الجاهلية، وعندما جاء الإسلام فزادها علواً، وعند البادية في الجزيرة العربية لا يخرج عن هذا الإطار بل يؤكد على رسوخ مكارم الأخلاق في نفوس أبناء الصحراء، فللجار عند البدو أحكام مختلفة حسب نوعه، فهم يميزون بين الجار من نفس القبيلة، والجار من قبيلة أخرى، كما يميزون بين الجار الذي لجأ إليهم طلباً للحماية، والجار الذي لجأ للاستئناس من عزلة الصحراء أو طلباً للمرعى وما شابه ذلك.
فللجار مكانة مهمة، وهناك العديد من التقاليد واللطائف التي يتمسكون بها البدو في معاملة الجار، فالجار متصل بجاره بشدة فهو يشبه “الطنب السابح”، وهو الحبل الممدود المتصل بالخيمة، أي أن الجار متصل بجاره كاتصال الطنب بالخيمة، فمن حقوق الجار لجاره عندهم، يجب المحافظة على الجار وحمايته، وفي حالة مقتله يجب الانتقام له والأخذ بثأره، ولكن لا يؤاخذ دية عليه.
حقوق الجار
إذا اقترب منهم يريد أن يقيم بجوارهم، قاموا إليه ورحبوا به وساعدوه على إنزال عفشه ونصب بيته، وأحضروا له الماء والحطب، وفوراً يقدمون له القهوة وطعام الضيافة .
إذا أراد أحد الجيران تركهم والارتحال عنهم، فإنهم لا يساعدونه على الارتحال، ولا يحملون معه عفشه عند رحيله، ويعتبروا من المروءة أن لا يساعدوا جارهم على الارتحال عنهم.
عندما ينوي أحد الجيران المغادرة، يذهب إلى جيرانه ويطلب منهم أن يسامحوه، وأن يستروا عليه بقوله :”أستروا ما رأيتم منا”.
بعد مغادرة الجار، يستمروا جيرانه بإشعال النار في مكان موقد نار جارهم السابق لعدة أيام احتراماً وولاءًا له .