عادات و تقاليد

تراث البادية.. تعرف على مكونات أثاث مقعد الرجال

أميرة جادو

يتمسك البدو في الصحراء بالعديد من الموروثات؛ منها الخيمة حيث تظل مسكنًا لهم تأوي إليه الأسر في الصيف والشتاء منذ القدم، ومع الانتقال إلى الحياة في  المدينة ظلت الخيمة تراثًا ثقافيًا عريقًا يتحدى بجماله المعمار الحديث ويصعب محوه من الذاكرة، وفي قسم الرجال، يدخلون الرجال فيه العدة كلها (الحلة)، ويأمرهم المالك قائلاً: ضعوا الأثاث في مكانه (افْهقوا الحِلَّة)، تغطي الأرض التي أمام الحاجز سجادةٌ إما مشتراه (قطيفة)، أو تنسجها نساء الرولة (مَعَنْقَة).

ويفرش قسم الرجال بالطنافس محشَّوةٌ قطناً ومخيطة (فَرْشِة)،  إما من النمط الأوربي (لِحِف)، أو من نمط شرقي (طَّراحة) وتوضع على هذه وسائد طول إحداها مترٌ وعرضها ثلاثون سنتيمتراً، محشوة صوفاً أو أوبار إبل، وأحيانا تغطى أيضا بشال صوفيِّ عريض (شفّ)، وغالباً ما وضِعت الوسادة على رَحْل بعير حيث يكون الاتكاء عليها أيسر.

مجالس الرجال

وعند دخولهم الخيمة، يخلع صاحب البيت وضيفه نعالهم فيضعونها وراءهم مسندة على الحاجز، ويعلقون بندقياتهم على عمود البيت في غرفة النسوة، ويجلسون على السجاد ثانين أرجلهم عليها، وإذا جلس امرؤٌ هكذا فهو – عادة – يتكئ على جانبه (مرتَكي)، أو على ظهره (متَسَنّد) على وسادة أو رحل، وإذا كان رجل يروي قصة قعد متَربَّعاً.

وخلال تناول الطعام،  يميل على ركبته اليسرى، ويجلس على عَقِبهِ الأيسر (قاعد على رْكبِةْ ونصَّ) وعند فحص أي شيء أو اختبار سلاح، ينحني على ركبتيه كلتيها، ويجلس على عقبيه (باركْ على رْكُبِة)، وحين يغسل يديه يقعي (مقْعي)؛ وإذا جلس وذراعاه حول ركبتيه قيل إنه (مفَحِّج)، وحين يكون الطقس حاراً يضطجع على وجهه (منْبَطَح).

وفي النوم، (یَسکِّعْ) أو (يِنود) وإذا استلقي على قفاه (متَسَلقي على ظهره)، أو يرقد ووجه في يديه (مفَنِّس)، أو ينقلب على جنبه، ويضع يديه تحت وجهه وينام (نایم مِنْجِضع).

وعند جلوس مالك البيت مع ضيفه يدعوا أبناءه، قائلًا: (اِحِفْرُوا للنار)، أي إحْفِرُوا مَوْقِداً للنار؛ ويحفر موقد النار عند الشيوخ الأهم عبدٌ يوكل إليه إعداد القهوة.

موقد النار

ويتكون موقد النار من حفرة مستطيلة أو مستديرة عمقها نحو عشرين سنتيمتراً؛ ومن حجم الحفرة وشكلها يمكن أن يعرف المرء بعد سنين معرفةً قاطعةً لأي شيخ كان البيت، ويحفر الموقد بألة تدعى (فاس) لها نصاب خشبي طويل؛ وتدعى المِعْزَقَة المزدوجة (قدوم) أو (تبَل)، ويحفر الرويلي الاعتيادي موقد نارٍ أصغر، يكون قريباً من الطرف الأمامي للبيت.

ويكون الموقد في الشتاء، قريبة من السجاد للضيوف، بينما يكون في الصيف، يكون في منتصف مجلس الرجال ويلقى الطين المستخرج قرب الحفرة التي تشكل الموقد (حفرة النار) مکوناً کوماً تحت طرف البيت مباشرة، ويلقي على الكوم الرّماد المأخوذ من الموقد وكلما كان الكوم المعروف ب (النِّثيلة) أكبر كان مالك البيت أكرم، لأن القهوة تعد للضيوف في موقد النار في مجلس الرجال لا في غيره، ويستدفئ الضيوف قرب النار.

وبالقرب من الموقد، يوضع حزمة وقود مؤلفة من جذوعٍ يابسةٍ، وأعوادٍ أشجارٍ مختلفة (حطب)، وبَعْر إبل يابس، وأحسن الوقود خشب شجر الغضا اليابس إذ لا يكاد يكون له دخان، وتنبعث منه حرارة عظيمة الأوار، ويظل جمره ساعات عدة دون أن يخمد.

ومن أسوء أنواع الوقود (الشيح) اليابس الذي يشتعل له لهب أحمر وَضَّاءٌ، ويطقطق كما لو ذرَّ عليه بارود، لكنه لا يكون جمراً، ولا يحتفظ بحرارته، ويجتمع  حول الوقود الأبناء والنساء، وإذا لم يكن لدى الشيخ إمداد من الوقود كاف طلبه من أرباب البيوت المجاورة، أو أحضروه هم إليه.

المصدر

كتاب “أخلاق عرب الرولة وعاداتهم” لـ ألويس موزل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى