تاريخ ومزارات
أخر الأخبار

تعرف على مراسم الزواج فى عصر المماليك

 

الزواج هو اساس بناء الأسرة وتكوين المجتمع شرعه الله عز وجل منذ خلق آدم عليه السلام لعمارة الكون واستمرار الحياة وحثث عليه كل الأديان السماوي ، وا اشار الى ذلك القرآن الكريم فى قوله تعالى ” ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة

اما الزواج فى العصر المملوكى فقد ارتبط بأغراض متعدده قد تكون لتقوية الروابط والأواصر بين السلاطين والأمراء

أو لضمان الولاء وتحسين العلاقات بين سلطنة المماليك والممالك المجاورة لها

وارتبطت حفلات الزواج وما بها من مظاهر الأبهة والعظمة والشرف بالازدهار الإقتصادى الذي شهدنه مصر والشام فى العصر المملوكى البحري والجركسى .

وبحدثنا المؤرخ ابن دانيال في مخطوطه “طيف الخيال” عن عادات الزواج فى عصر المماليك فيقول :

كان راغب الزواج يقصد الخاطبة التى تقوم بدور كبير فى إتمام الخطوبة لأنها “تعرف كل حرة وكل مليحة بمصر والقاهرة . و كانت غالبا ما تقوم ببيع الطيب والبخور والمرايا وغير ذلك من لوازم النساء.

وجرت العادة أنه إذا رضي الراغب في الزواج بالمعلومات التي قدمتها له الخاطبة، فإنه يسرع إليها ثانياً مقدماً لها هدية قد تكون قرط من الذهب، ويرسلها من جديد إلى عائلة الفتاة لتبلغهم برغبته في الاقتران بابنتهم. التى لم يكن لها أي رأي في اختيار زوجها، بل يظل الرأي الأول والأخير لوالدها، وربما شاركته في ذلك أمها.

و فاذا تمت الموافقه على الزواج يدفع العريس جزء من المهر مقدما قبل عقد القرآن ، أما الباقى وهو مؤخر الصداق فكان يسدد على اقساط مؤجلة ، و كانت هناك مغالاة فى المهور خاصة مما يتعلق بزواج ابناء الأمراء والسلاطين .

كانت المدة بين عقد القرآن والزفاف لا تتجاوز عشرة ايام تكون كلها ، افراح متصلة وايام سرور وكانت ليلة الزفاف الخاصة بالأمراء والسلاطين وابنائهم تستمر لمدة سبعة ايام وفى هذه الأيام تذبح الذبائح من الأغنام والبقر والدجاج والأوز والخيول

فقبل الزفاف بيومين تذهب العروس للحمام فى موكب من قريباتها وصديقاتها مع حشد من الموسيقيين والراقصات لنعود العروس الى بيتها فى مثل هذا الموكب حيث تتناول العشاء مع رفيقاتها ثم تعجن الحناء لتحنى بها العروس وصديقاتها

أما العريس فيذهب هو ايضا الى الحمام ويعود بين اصدقائه وأقاربه من المدعوين فى موكب موسيقى بديع ويقيم العريس بعد عودته من الحمام مادبة بها الطعام والعيش والسلطة والمال

وبعد نهاية حفل العروس تركب العروس محفة عبارة عن محمل فى اعلاه قبة تحمل على بغلين اى جملتين وهى تسمى الهودج ، وتبدأ الزفة بعد الظهر وتسير ببطء وإنتظام سيرا طويلا لأجل العرض حتى ولو كان منزل العريس قريبا ، وقد تدوم الزفة ثلاث ساعات أو أكثر .

أما عن ان جهاز العروس فهو يختلف عند بنات السلاطين والأمراء عنه عند بنات والتجار وطبقات المجتمع الأخرى

 

فقد زوج الملك الناصر محمد ابن قلاوون ابنته من ابن الأمير ارغون نائب السلطنة بمصر بعدما جهزها جهازا عظيما ندر أن يكون له مثال

قال عنه المقريزى

“جهز الناصر محمد ابن قلاوون ابنته جهازا عظيما بلغ ثمانين الف مثقال ذهب مصرى شاملة الحرير المطرز وأجرة الصناع وعمل سائر الاوانى من ذهب وفضة بلغ وزنها ما يزيد على عشرة الاف مثقال من الذهب

أما جهاز بنات الطبقة الوسطى فكان عبارة عن مرتبة وسرير منخفض مصنوع من جريد النخل ومخدة للرأس وملاءة ولحاف وناموسية وأدوات مطبخ من الخزف والفخار والنحاس والخشب وادوات مطبخ من الخزف والفخار وحلى وادوات تجميل وقنينات عطور .

أما جهاز بنات الفلاحين فكان جهازهن عبارة عن صندوق خشبى ملون يحوى جهاز العروس حيث تضع فيه العروس كل ما يلزمها من ملابس وحلى ونقود وحصير يستخدم كفراش للجلوس والأكل والنوم ولحاف كغطاء وادوات المطبخ ورحامن الحجر لطحن الحبوب وقناديل من الفخار وأدوات تجميل بسيطة .

ويذكر المقريزي :

أن طبقة المماليك لم يحاولوا الزواج من أهل البلاد المصريين. الا فى حالات نادرة لاختلال هذا النظام كما حدث في أيام الظاهر برقوق (1382 – 1399م) عندما رخص للمماليك سكن القاهرة والاختلاط بأهلها “فنزلوا من الطباق من القلعة ونكحوا نساء أهل المدينة وأخلدوا إلى البطالة”.

شهدت الحقبة المملوكية العديد من الظواهر التي انتشرت ومنها :

الطلاق البائن خلعا، أي عن طريق المخالصة بما دفعه الزوج من مال.

كما عرف العصر المملوكى وظيفة “المحلل” وهى ظيفة يتفرغ لها بعض الرجال حيث يقفون على أبواب الشهود أو مكاتبهم في الشوارع، فيأتي الذي طلق زوجته ثلاثاً إلى مكتب الشاهد ومعه طليقته، فيدله الشاهد على أحد الرجال الواقفين ببابه ليكون المحلل، فيتفق المطلق – الزوج السابق – مع المحلل على الأجرة ويدفعها له ثم يدخل الثلاثة مع ولى الأمر على الشاهد وأعوانه فيعقد قران المطلقة على المحلل، ويأخذ المحلل المرأة إلى خلوة قد أعدت خصيصا لهذا الغرض ليحللها ثم يقوم المحلل بطلاقها، لتعود إلى البيت تنتظر انتهاء العدة ليعيدها الزوج السابق.

هذا ما كان يحدث وذكره ابن القيم في كتابه “إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان”، فيقول :

كان المحلل يمارس مهنته كبائعة الهوى أي يتزوج بدون تمييز، ومع كثرة التطليق وكثرة زواج المحلل، كان المحلل يتزوج امرأة كان قد سبق له الزواج من أمها بنفس الطريقة، أو أن يجمع في زواجه بين أختين دون أن يدرى.

تلك كانت لمحة عن الزواج في مصر المملوكية وكيف كان الرجل يعثر على شريكة حياته في مجتمع سيطرت عليه التقاليد وأغلق أبوابه في وجه المرأة، ولم يسمح برؤية العروس إلا بعد الزفاف. وكيف كون المماليك مجتمعاً مغلقاً خاصاً بهم، فانحصر زواجهم إما من نساء تركيات جيء بهن خصيصاً لهذه الغاية، أو من بنات الأمراء، ولم يتزوجوا من بنات مصر إلا في القليل النادر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى