ميدان السواقي في الفيوم: معلم تاريخي يفقد هويته تحت وطأة التطوير الحديث
تعرض ميدان السواقي في الفيوم لتغيرات جذرية طمست ملامحه التاريخية التي طالما عكست روح المدينة وأصالتها. كما اختفت السواقي الشهيرة التي كانت تميز الميدان خلف جدران المحال التجارية والمباني الحديثة. مما أفقده هويته وجاذبيته السياحية، ليصبح في حاجة ماسة إلى إعادة إحياء رونقه وإنقاذه من التحولات التي شوهت معالمه.
تاريخ حافل بالأحداث الوطنية
يحمل ميدان السواقي، الذي كان يعرف سابقًا بميدان قارون، إرثًا تاريخيًا عظيمًا. شهد الميدان تجمعات شعبية خلال مقاومة الاحتلال الفرنسي، وكان نقطة انطلاق للثوار في أحداث ثورة 1919. كما احتضن الجماهير التي تجمعت لاستقبال الرئيس جمال عبد الناصر عام 1956، وكان مركزًا للمناشدات بعد إعلان تنحيه. ولم يغِب دوره خلال ثورتي 25 يناير و30 يونيو، حيث شهد تجمعات شعبية حاشدة تعكس أهميته في وجدان الفيوميين.
في الماضي، كان الميدان وجهة أساسية للاحتفالات الرسمية التي كانت تحت ظلال أشجاره الوارفة بجوار أكشاك الموسيقى. وظل لعقود طويلة رمزًا للمحافظة وموقعًا لأي مشروع تطوير.
لكن هذه المشاريع المتكررة أسهمت تدريجيًا في طمس ملامحه، حيث اختفت المساحات الخضراء وهدمت “كافيتيريا المدينة” الشهيرة.
وفي آخر عمليات التطوير، اختفت السواقي الأربعة التي كانت تمنح الميدان طابعه الفريد. ليحل محلها مجموعة من المحال التجارية والمقاهي، مما أثار استياء سكان الفيوم.
رمز سياحي يتحول إلى سوق استثماري
وفي هذا الصدد قال مدير عام هيئة تنشيط السياحة بالفيوم سابقًا، نبيل حنظل، كان ميدان السواقي معلمًا سياحيًا بارزًا يستقطب السياح من مختلف أنحاء العالم. كانت السواقي رمزًا للمحافظة، محاطة بمبانٍ أثرية ذات طرز معمارية مميزة تعود إلى حقب تاريخية مختلفة.
من أبرز تلك المباني “لوكاندة الفيوم”، التي تعود إلى عام 1899، بجانب بورصة الفيوم ودور السينما القديمة. ومع ذلك، تآكلت معالم الميدان على مر السنين، وفقدت تلك المباني بريقها بسبب الإهمال والتطوير غير المدروس.
وأشار حنظل إلى أن ميدان السواقي كان محط اهتمام جميع محافظي الفيوم، حيث شهد تخطيطات متعددة بدءًا من عهد اللواء محيي الدين أبو العزم في الستينيات وحتى التخطيط الحالي في عهد المحافظ الدكتور أحمد الأنصاري.
كما يعتمد المخطط الجديد على استغلال المساحة الممتدة إلى قصر الثقافة لإنشاء سوق استثماري، وهو ما أدى إلى فقدان الميدان لمعالمه المميزة، التي كانت تشكل جزءًا من هوية الفيوم التاريخية.
إنقاذ ميدان السواقي ضرورة ملحة
في ظل التحولات التي طالت ميدان السواقي، يبرز السؤال: هل يمكن إعادة إحياء هذا المعلم التاريخي؟ الإجابة تكمن في تبني رؤية تطويرية شاملة تحافظ على الهوية التاريخية للميدان، وتعيد له مكانته كرمز حضاري وسياحي يمثل روح الفيوم وأصالتها.