الحناء عند العرب عبق التراث وزينة المناسبات
كتبت شيماء طه
تُعد الحناء عند العرب من أهم عناصر التراث العربي التي ما زالت تحافظ على حضورها حتى اليوم. فهي ليست مجرد نبات يُستخدم للزينة، بل رمز للجمال والفرح والتقاليد الأصيلة التي توارثها العرب عبر العصور.
وتحتل الحناء مكانة مميزة في المناسبات الاجتماعية والدينية، لتصبح جزءًا من هوية الشعوب العربية وعاداتها المتوارثة.
أصل الحناء واستخدامها في العالم العربي
نبات الحناء ينمو في المناطق الحارة، وقد عُرف منذ آلاف السنين في الجزيرة العربية ومصر والسودان والهند.
تُجفف أوراقه وتُطحن للحصول على مسحوق يُخلط بالماء أو الزيوت ليُستخدم لتزيين الشعر أو الجلد.
ولطالما استخدم العرب الحناء في حياتهم اليومية؛ فالنساء يضعنها لتجميل اليدين والقدمين، بينما كان الرجال يستخدمونها لتلوين الشعر واللحية كرمز للوقار والنظافة.
رمزية الحناء في التراث العربي
ترتبط رمزية الحناء عند العرب بالفرح والبركة. فهي تُستخدم في حفلات الزواج والختان والمناسبات السعيدة، وتُعد ليلة الحناء من أبرز الطقوس التي تسبق الزفاف.
في تلك الليلة، تُزين العروس يديها وقدميها برسوم الحناء الدقيقة التي تُعبر عن السعادة والاستعداد لحياة جديدة.
كما كانت الجدّات يعتقدن أن الحناء تجلب الحظ وتطرد الحسد، لما تحمله من رائحة جميلة ولون مبهج يبعث على السرور.
فوائد الحناء في الطب والجمال
لم يقتصر استخدام الحناء على الزينة فقط، بل كان لها دور كبير في الطب العربي القديم.
فقد استُخدمت لعلاج التهابات الجلد، وتخفيف الصداع، وتقوية الشعر ومنع تساقطه.
كما تُعد من المواد الطبيعية الآمنة في التجميل والعناية بالشعر، وتدخل اليوم في صناعة مستحضرات التجميل والعطور بفضل خصائصها المطهّرة والمهدئة للبشرة.
الحناء في الإسلام والمناسبات الدينية
للحناء حضور ديني وروحي أيضًا، فقد ورد أن النبي محمد ﷺ كان يحب رائحة الحناء ويستعملها، مما أكسبها مكانة مميزة بين المسلمين.
وفي الأعياد الإسلامية مثل عيد الفطر والأضحى، تحرص النساء في كثير من الدول العربية على نقش الحناء كرمز للتجديد والبهجة.
وهكذا أصبحت الحناء جزءًا من طقوس الفرح في الإسلام والعادات العربية الأصيلة.
الحناء بين الماضي والحاضر
رغم تطور أساليب التجميل الحديثة، لا تزال الحناء العربية تحتفظ بمكانتها.
ففي القرى والبوادي ما زالت النساء يتفننّ في نقش الحناء بالتصاميم التقليدية، بينما أُدخلت عليها لمسات عصرية جعلتها فنًا عالميًا يُمارَس في صالونات التجميل ومهرجانات التراث.
وباتت نقوش الحناء اليوم تجمع بين الأصالة والحداثة، لتعكس هوية المرأة العربية المتجددة.
الحناء عند العرب ليست مجرد زينة، بل رمزٌ للتراث والهوية والجمال.
هي لون الفرح، وعطر الذكريات، وجسر يربط الحاضر بالماضي.
ورغم مرور الزمن، ستبقى الحناء شاهدة على عمق الثقافة العربية وثرائها، حاملةً معها روح الأصالة التي لا تزول.



