ابن طما.. وزير الغلابة — الدكتور جلال أبو الدهب

كتب عبدالرحمن محمود
في قلب صعيد مصر، بمركز طما في محافظة سوهاج، وُلد رجل حمل همّ البسطاء على عاتقه فأصبح صوتًا للفقراء وملجأً للمحرومين؛ مثالًا في النزاهة والعدل. لم يكن مجرد أستاذ جامعي أو وزير في الحكومة، بل ضميرًا يُعبّر عن آلام الناس وآمالهم معًا.
نشأ في بيئة صعيدية بسيطة تتسم بالقيم الأصيلة والكرم. تفوق دراسيًا حتى نال درجة الدكتوراه في علم الإحصاء، وتدرج في السلك الأكاديمي ليصبح من أبرز أساتذة مجاله. لكن طموحه لم يكن شخصيًا؛ اختار طريق الخدمة العامة فخاض غمار العمل السياسي ممثلًا لأهالي دائرته في مجلس الشعب، حيث عرفه الناس نائبًا شعبيًا لا يكلّ ولا يهادن ولا يساوم على حقوق ناخبيه.
وزير التموين.. زمن الناس
عندما عُيّن وزيرًا للتموين، لم يتخلَّ عن عباءة “ابن البلد” بل تمسَّك بها. دخل الوزارة ليخدم أولئك الذين طالما كانت قضاياهم مهمشة، ولُقّب بحقّ بـ”وزير الفقراء”. تعامل مع ملفات حساسة — رغيف الخبز، البطاقات التموينية، وسلع الدعم — وكان يرفض أي قرار يمسّ بحقوق المحتاجين. كان يهبّ للميدان: يزور المخابز، يتفقد مخازن السلع، ويستمع للمواطن البسيط قبل الخبير. لم يسعَ إلى شهرة أو مال، بل كانت كلمة شكر من عجوز أو دعاء أمٍ فقيرة تكفيه.
استقالة رجل.. لا تنازل عن المبادئ
وفي منعطف حاسم، قدّم استقالته بدل أن يمرّر قرارات تتعارض مع قناعاته أو تضرّ بالفئات الأضعف. خرج من الوزارة مرفوع الرأس، تاركًا سيرةً ناصعة وذكرى حية في قلوب من عايشوه أو سمعوا عنه.
إرث لا يُنسى
رغم ابتعاده عن الأضواء، بقي حضوره قائماً في ذاكرة الصعيد، وأهل طما على وجه الخصوص. يُضرب به المثل في النزاهة والمحبة والوفاء، وترك إرثًا من المواقف والعِبر في زمن تقلّبت فيه كثير من القِيَم.
لقب “ابن طما.. وزير الغلابة” ليس مجرد عنوان؛ إنه شهادة شعبٍ لرجل عاش من أجلهم ورحل عنهم تاركًا أثرًا خالدًا.
وعلى خطاه يسير اهله ال عبدالرحمن بطما و كذلك أبنائه الذين سخروا كل وقتهم لخدمة اهلهم خصوصا النائب الدكتور أحمد جلال ابوالدهب خير خلف لخير سلف


