الفخر بالشعر.. عادة قبائلية عربية صنعت ديوان العرب وحفظت تاريخهم
أسماء صبحي – لم يكن الفخر بالشعر عند العرب قبل الإسلام مجرد وسيلة للتسلية أو الزينة اللغوية بل كان عادة راسخة وركيزة أساسية في حياة القبيلة. فقد مثل الشعر عندهم سلاحًا معنويًا يوازي السيف في ميدان القتال، ووسيلة للتعبير عن الأمجاد والبطولات، وحفظ التاريخ والأنساب. ومن هنا أصبح الفخر بالشعر وإعلاء شأن الشعراء من أبرز عادات القبائل العربية.
الفخر بالشعر في القبيلة
كان الشاعر يعد بمثابة “لسان القبيلة” الناطق باسمها، والمدافع عن شرفها. فإذا هوجمت القبيلة هجاءً كان رد الشاعر بمثابة رد جماعي يرفع الرأس أو يجرح الكرامة. لذلك احتلت المعلقات مكانة كبيرة حيث علقت قصائد كبار الشعراء مثل امرؤ القيس وزهير وعنترة على جدران الكعبة، رمزًا للفخر والاعتزاز.
الشعر في السلم والحرب
في السلم كان الشعر وسيلة للتباهي بين القبائل في الأسواق مثل عكاظ حيث يتنافس الشعراء وتقاس قوة القبيلة بقوة شاعرها. أما في الحرب فكان الشعر وسيلة للتحميس وبث الحماسة في نفوس المقاتلين. كما كان أداة لتخليد أسماء الأبطال ورفع شأن المحاربين.
أثر هذه العادة بعد الإسلام
مع بزوغ الإسلام لم تختف هذه العادة بل أعيد توجيهها. فقد استخدم الشعر للدفاع عن الإسلام ونبيه ﷺ مثلما فعل حسان بن ثابت الذي لُقب بـ”شاعر الرسول”. وهكذا ظل الشعر عادة متأصلة لكنه تحوّل من أداة قبلية إلى أداة دعوية وحضارية.
ويقول الدكتور عبد السلام هارون، الباحث في الأدب العربي، إن عادة الفخر بالشعر عند العرب جعلت من القصائد سجلًا تاريخيًا واجتماعيًا. فبفضلها وصلنا كثير من تفاصيل حياة العرب قبل الإسلام. والشعراء لم يكونوا مجرد أفراد مبدعين، بل قادة رأي وصانعي مجد قبلي.



