حوارات و تقارير

اللواء محمد فؤاد حسين يكشف لـ صوت القبائل العربية السبب وراء تسميته بقاهر الجواسيس

اللواء محمد فؤاد حسين، الملقب بـ “صائد الجواسيس” وكذلك لُقب بـ”قاهر الجواسيس”؛ لاكتشافه 46 قضية تجسس ضمت مصريين وأجانبا، تخرج في الكلية الحربية عام 1961 والتحق بسلاح الإشارة، شارك في حرب اليمن، وتم استدعاؤه إلى مصر، ثم التحق بجهاز المخابرات الحربية المصرية، بقسم مقاومة التجسس حتى عام 1986، كان عضوًا بارزًا في جمعية مجاهدي سيناء، وجمعية محبي سيناء، شارك في تدريب الفدائيين للقيام بعمليات ضد الإسرائيليين، وعقب عقد اتفاقية السلام، أصبح نائب رئيس جهاز الاتصال بالمنظمات الدولية، الذي يتولى الإشراف على تنفيذ الاتفاقية بين مصر وإسرائيل داخل سيناء، يتمتع بثقة مشايخ وعواقل سيناء.

 

ولدوره الوطنى البارز، التقت معه “صوت القبائل العربية”؛ حيث كشف لنا عن أحد أبطال سيناء، الذي أُطلق عليه “هدهد سيناء”، لنجاحه في إرسال معلومات عسكرية عن العدو الإسرائيلى من قلب سيناء المحتلة إلى القيادة العسكرية المصرية، تلك المعلومات التي جعلت القواعد العسكرية الإسرائيلية صفحة مكشوفة أمام القيادة المصرية، وكان ذلك أحد أسباب الانتصار في حرب أكتوبر 1973 وإلى نص الحوار..

 

ما سبب إطلاق لقب “صائد وقاهر الجواسيس”؟

أُطلقت علىَّ تلك الألقاب بعد أن نجحت في كشف 46 قضية تجسس لخونة مصريين وأجانب، حتى وصل الأمر لدرجة أنهم كانوا يقولون إن فؤاد حسين يصطاد جواسيس من الشارع، ففي عام 1969 وبينما كنت أسير على كورنيش النيل شاهدت عند كازينو الشجرة سيارة ينزل منها ضابط عرفت أنه مساعد الملحق العسكري الروسي، وقام بتغيير ملابسه الرسمية داخل الكازينو ثم ارتدى غيرها، فساورنى الشك فتتبعته حتى وصل إلى “أوبرج الأهرام” ونزل من السيارة، ثم استقل سيارة أخرى، فكتبت رقمها وقمت بالاستعلام عنها واستدعاء مالكها، وبمجرد بدء الحديث معه عن الواقعة قام بالاعتراف لى، واتضح أنها قضية تجسس لصالح روسيا، تورط فيها شاب مصري خريج كلية الآداب قسم اللغة الروسية.

 

حدثنا عن دورك في عملية القبض على الجاسوسة “هبة سليم” والتي تحولت إلى فيلم سينمائي؟

 

هذه عملية تنسيق مشترك بين المخابرات الحربية والمخابرات العامة بذلنا فيها جهدًا كبيرًا نظرا لخطورتها، وحينما قررنا القبض عليها واجهتنا مشكلة إقامتها في فرنسا، وكانت معلوماتنا تؤكد أن والدها يعمل في ليبيا، لذلك قررنا استدراجها إلى ليبيا التى كانت تحت سيطرتنا، فقمنا بفبركة خبر أن والدها مريض ومحتجز في المستشفى بليبيا، وأرسلنا لها من خلال أحد مصادرنا خطابا بهذا المضمون، وفعلا جاءت على الفور من فرنسا إلى ليبيا، فقمنا بالقبض عليها وإحضارها إلى مصر وتمت محاكمتها، وبالفعل تم تحويل العملية إلى فيلم سينمائي شهير باسم “الصعود إلى الهاوية”.

 

كنت مسئولا عن تأمين المنصة في حادث اغتيال السادات حدثنا عما حدث في الكواليس قبل الحادث؟ 

 

تم تكليفي بمهمة المنسق العام لأجهزة الأمن في احتفالات أكتوبر عام 1981، والتي يبلغ عددها 75 جهازا تشترك في تأمين الاحتفال الذى سيحضره الرئيس السادات، وكنت المسئول عن تأمين المنصة، وتمت الأحداث وفقا لما نشر من وثائق تروي تلك اللحظات العصيبة، ولكن هناك الكثير من المواقف التي حدثت قبل الحادث، لا يعلمها إلا من كانوا يتولون عملية التأمين، تؤكد أن مشيئة الله نفاذة لا محالة، فمثلا كان يوجد خلف المنصة طائرة هيلكوبتر للطوارئ، وكان بها إمكانيات كفيلة بأن تُفشل الحادث، ولكن قام أحد ضباط الحرس الجمهوري بإبعادها لعدم أهميتها، وكذلك يوجد برجان خلف المنصة في كل منهما قناص محترف دورهما تأمين المنصة من الأمام في حالة حدوث أي أحداث مفاجئة، وأثناء دخول الرئيس السادات تجاه المنصة شاهدهما فأمر بإنزالهما، لأنه يريد أن ينقل للعالم احتفالات أكتوبر ولا يريد أن يظهر خلفه قناصة لحراسته بين أبنائه، وبالفعل تم إخلاء الأبراج من القناصين، فلو كان القناصان موجودين في أماكنهما لما حدث ما حدث، ولكنها مشيئة الله.

 

كم يبلغ عدد شهداء الحادث؟

 

بخلاف الرئيس السادات، استشهد ستة آخرون من الضيوف الموجودين خلف المنصة، منهم اللواء حسن علام، ومحمد رشوان المصور الخاص بالرئيس السادات، والمهندس سمير حلمي، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، والأنبا صموئيل، وأصيب 28 ضيفا، “18 مصريا و10 أجانب”.

 

ما طبيعة العمليات التي كان يقوم بها مجاهدو سيناء ضد الاحتلال الإسرائيلي؟

 

في البداية أوضح أن منظمة سيناء العربية أُنشئت ومارست عملها من خلال المخابرات الحربية، وكنت من ضمن الضباط المكلفين بإدارتها وتضم 757 فدائيا من أبناء سيناء، وقدم أعضاؤها تضحيات كثيرة سواء بأرواحهم أو أموالهم لخدمة هذا الوطن، وتم إنشاء هذه المنظمة لترتيب العمليات الفدائية وزيادة تأثير ضرباتها بعد أن ظل الأهالي يقومون لمدة شهر بعمليات فدائية بجهودهم الفردية دون توجيه، وقاموا خلال هذه الفترة بأعمال بطولية مذهلة، كما قامت المخابرات الحربية بتكليف العميد أركان حرب إبراهيم الرفاعي ومجموعته من سلاح الصاعقة بالقيام بعمليات فدائية لتكبيد المزيد من الخسائر للجيش الإسرائيلي، وتم التنسيق والتعاون بين المنظمة ومجموعة الصاعقة وكان يتم إمدادهم بكل المعلومات المطلوبة حتى يتم تنفيذ عمليات فدائية، وكان من بين الفدائيين سيدة تدعى “وداد” تعمل ممرضة وكان لها دور مؤثر في الإمداد بالمعلومات، هذه العمليات كبدت الاحتلال خسائر جسيمة.

حدثنا عن الفدائي “شلاش خالد عرابي”؟ ولماذا لقبته بـ”هدهد سيناء”؟

 

هو أحد المجاهدين من أبناء سيناء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن، أطلقتُ عليه لقب “هدهد سيناء” لأنني كنت متأثرا للغاية بقصة الهدهد مع سيدنا سليمان الذي سأل عنه عند غيابه رغم أن لديه جنودا كثيرون، ثم بحثت في هذا الموضوع حتى اكتشفت اهمية دور الهدهد في توصيل الأخبار لسيدنا سليمان، ومن هنا أطلقت على شلاش لقب الهدهد، لأنه كان يأتي إلينا بأخبار ومعلومات عن كل كبيرة وصغيرة في سيناء أثناء فترة الاحتلال، وكنا نحدد له المعلومات المطلوبة، ونحدد له مدة ليعود إلينا محملا بالمعلومات المطلوبة، وبالفعل كان ينفذ المطلوب منه ويعود في التوقيت المحدد له، وكنت أذهب إلى بئر العبد في سيناء لأجلس معه وأعرف المعلومات والأخبار.

 

ما هي البطولات التي تتذكرها لـ”هدهد سيناء”؟ 

 

رحمة الله عليه كان يجلب المعلومات عن المواقع العسكرية للجيش الإسرائيلى في سيناء بأدق التفاصيل، وكان بارعًا في شرح ورسم المواقع، وكان يعاونه أقاربه، لذلك كان يصف المواقع بأدق التفاصيل، وعندما ذهب وزير الدفاع الإسرائيلى “موشيه ديان” لزيارة القبائل في سيناء، في محاولة فاشلة منه لاستمالتهم إليه، أرسلت شلاش وحضر اللقاء وعاد إلىَّ بأدق التفاصيل التي حدثت في الزيارة، وهو ما عاد علينا بالنفع الكبير، وتأكدنا من خلاله على مدى وطنية وحب أبناء سيناء لبلدهم بعدما رفضوا إغراءات كبيرة عرضها عليهم “ديان” ليبيعوا وطنهم.

 

متى بدأت علاقتك بالقبائل السيناوية؟

 

قبل هزيمة 1967 لم أكن أعلم أي شيء عن قبائل سيناء أو عاداتهم وتقاليدهم، ولكن بعد الهزيمة تم تكليفي لمقابلة مشايخ قبائل سيناء وتسجيل أحاديث صوتية معهم؛ لبثها عبر إذاعة صوت العرب يتحدث فيها كل شيخ قبيلة، ليدعو أهله للصمود وعدم التعاون مع جنود الاحتلال، وأنهم لا يتعاونون مع أحد من اليهود ولا أحد يقوم بمساعدتهم، وأن أقوم بعمل شريط لكل شخص ثم أقوم بإرساله إلى المذيع أحمد سعيد في إذاعة صوت العرب.

 

شاهدنا لك مؤلفات عديدة عن سيناء حدثنا عنها؟

 

أول مؤلف قمت بإعداده عن سيناء باسم “الشعب المجهول في سيناء”، قمت بتوزيعه مجانا على زملائى في المخابرات الحربية والمخابرات العامة وأهالى سيناء، كما قمت بإصدار مؤلف آخر باسم “هدهد ابن العبد”، وكذلك كتاب “شبه جزيرة سيناء المقدسة”، ومؤلفات أخرى عن معجزات جبل الطور، والقضاء العرفي، العادات والتقاليد، وآخر مؤلف لي كان باسم “المؤمن الذي قُتل” تحدثت فيه عن حادث اغتيال الرئيس السادات، واخترت له هذا الاسم لعلمي بأن الراحل كان يعشق لقب الرئيس المؤمن بخلاف العديد من المؤلفات الأخرى.

 

لك ذكريات في طفولتك مع الفنان محمود شكوكو وعائلته حدثنا عنها؟

 

كنت أقيم مع عائلتي بحي شبرا، وكانت تسكن في المنزل المقابل لنا “فاطمة شكوكو” شقيقة المطرب “محمود شكوكو” وكان ابنها “سمير” صديقى جدا، فكنت أتردد عليهم كثيرا، خصوصا في يوم الأحد من كل أسبوع لأننى أعرف أن الفنان “محمود شكوكو” كان يحرص على الحضور في هذا اليوم لتناول الغداء مع شقيقته، وكان عمري حينها 15 عاما، فقمت بتأليف أغنية باسم “بنت الجيران” فقابلت شكوكو وأخبرته بأننى مؤلف أغانٍ، ولديَّ أغنية وطلبت منه سماع كلماتها وغنائها، وبعد أن قرأتها عليه فوجئت به يمنحني “شلن” – خمسة قروش ــ فشعرت بالإهانة، ورفضت أخذ الفلوس أو إعطائه الإغنية وتركته ومشيت، وكان حينها سمير شكوكو يغني وبدأ يقترب من شهرة خاله، فذهبت إليه وطلبت منه نفس الطلب، فوافق على غنائها، ولكننا كنا بحاجة إلى ملحن لتلحينها، فذهبنا إلى أحد الملحنين الذي طلب مني عشرة جنيهات نظير ذلك، ولم يكن معي هذا المبلغ، وانقطعت صلتي بالتأليف بعد هذه المواقف.

 

حدثنا عن الأزمة التي حدثت بين شكوكو وشقيقته والتي عاصرتها عن قرب؟

 

وكان “سمير شكوكو” ابن أخت المطرب محمود شكوكو صديقي في المدرسة، ولأنه فاشل دراسيا تم فصله من المدرسة، فاتجه للغناء وكان يرتدي جلبابا وطربوشا متشابهين لما يرتديه شكوكو ليظهر بنفس مظهره وكان يغني نفس الأغانى، وهو ما استفز المطرب الكبير فأقام دعوى قضائية ضد ابن شقيقته لمنعه من ارتداء ملابس مشابهة له أو غناء أغانيه، وفعلا كسب شكوكو القضية، وهو الأمر الذي تسبب في قطع العلاقة بين شكوكو وأخته بعد أن دمر مستقبل ابنها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى