حوارات و تقارير

بطل سيناء في حرب أكتوبر عايش فايز عايش: تدربنا على اقتحام وتدمير خط بارليف في ترعة الخطاطبة

أقول للرئيس السيسي « احنا معاك» ولشباب مصر «اتقو الله في وطنكم»

محمود حسن الشوربجي

كل عام في شهر أكتوبر تهب نسائم العزة والفخر على مصرنا الحبيبة، ذكريات الدم والشهادة والحرب والانتصار، ويرجع التاريخ للوراء سنوات طويلة لكي يزيح الغبار عن بطولات ومعجزات المصريين في هذا الشهر الذي حرروا فيه جزءا غاليا من أرض الوطن ظل 6 سنوات تحت يدي يهود مغتصبين.. في الذكرى الـ  48 لانتصار أكتوبر، حاورت «صوت القبائل العربية» عايش فايز، أحد مقاتلي أبطال الحرب، ابن مدينة العريش الباسلة ليستدرك ذكريات الفداء والتضحية وإلى نص الحوار..

 

* بداية من هو عايش فايز؟

اسمي عايش فايز عايش، 76 سنة، بالمعاش، عملت مديرا عاما بحركة تليفونات وتلغراف شمال سيناء، وعضو مجلس إدارة جمعية أحباء مصر الخيرية، وعضو ورئيس لجنة إشراف في نادي السعادة لكبار المواطنين، ومن عائلة الشوربجي بمدينة العريش محافظة شمال سيناء.

 

* متى تقدمت للخدمة في القوات المسلحة؟

لم يصيبني الدور! أو بمعنى أدق «لم يصبه الدور»، وأخذت شهادة بذلك، في 28 مايو 1967م، فجأة تم استدعائي من قبل قسم شرطة القنطرة شرق، وكنا 4 أفراد، تم ترحيلنا إلى مركز التل الكبير، تجهيزات الكشف والفحوصات استغرقت نحو 5 أيام، ودخلت الجيش في يوم 3 يونيو 1967م وكانت أول بداية الخدمة رسميا لي، وحدث طبعا الهجوم علينا في يوم 5 يونيو 1967، كنا وقتها مازلنا بالزي الملكي، وكان بصحبتي 4 من القنطرة شرق و 10 آخرون من العريش، ومما أذكره أنه أحدهم كان اسمه حسن فراج زكري، واستشهد في 1973، تحركنا من التل الكبير الساعة الواحدة ظهرا إلى أن وصلنا حلمية الزيتون الساعة 6 ثان يوم صباحا الموافق يوم 6 يونيو وبقينا في الانتظار يوما كاملا إلى صبتح يوم7 يونيو، وجاء توزيعي على مركز تدريب المدرعات في كوبري القبة بالقاهرة.

 

وأثناء فترة الذهاب بالقطار خلال هذه الأيام تعرضنا للغارات الجوية المكثفة من طائرات العدو الإسرائيلي، وكان ذلك سبب تأخرنا طول الطريق من التل الكبير حتى حلمية الزيتون، واستغرقنا في الطريق نحو 13 ساعة، وهذه التواريخ والأيام محفورة في ذهني لا يمكن أن تمحوها الأيام والليالي.

 

* ما هي المدة التي استغرقتها فترة التدريب قبل الحرب؟

اتممنا فترة التدريب الأولية التي استغرقت 15 يوماً ثم دخلنا في فترة التدريب الأساسية التي استغرقت نحو 5 أشهر تقريباً، وهذه الفرقة كانت ضمن المشروع المقام والمعروف بـ «ألف طقم دبابة»، ونحن أول مجموعة تدخل القوات المسلحة كمؤهلات عليا ومتوسطة في فترة كان الجيش فيها يستعيد عافيته، وأنهينا فترة التدريب في مركز تدريب المدرعات وكنت من ضمن العشرة الأوائل على الدفعة بالكامل وكنا 5 آلاف مجند، مشروع ألف طقم لألف دبابة، والدبابة تحمل 5 أفراد مقاتلين، وتشكيلهم (سائق دبابة – وحكمدار دبابة – ومدفعجي دبابة – ورامي جسم دبابة – معمر الدبابة)، وكنت أقدمهم خدمة في القوات المسلحة، وآخذ تمام طابور بالكامل وأعطيه للشاويش نوبتجي لكي يعطي التمام للضابط نوبتجي، حيث تقدمت لتلقي دورة في مركز تدريب المدرعات ثم دورة في مدرسة المدرعات وهي كانت استكمال للأولى، وقام بالتدريس لي في هذه الفترة اللواء كمال حسن علي، رئيس الوزراء الأسبق وقتها، وتم عمل حفلة تخرج كبيرة وحصلت فيها على «عريف» أو ما يسمى «أومباشا» بشريطتين حيث قام بتقليدها لي الفريق محمد فوزي شخصياً، وكنا 10 أوائل حينها وأعطانا مدة 72 ساعة أجازة وقلم حبر هدية .

 

* كيف كان توزيعكم بعد اجتياز فترة التدريب والدراسة؟

بعد عودتنا من الأجازة تم توزيعنا على الكتيبة في منطقة «الهايكستب»، وكان تشكيلها من قائد الكتيبة ومساعد تعليم وملازم أول احتياط وسائق دبابة، وبدأنا في تشكيل الكتيبة ولم يكن معنا ضباط كثر في هذا الوقت، ولذا كان قائد الكتيبة من ثقته الزائدة فينا، يرسلني أنا وثلاثة من زملائي لاستلام كل ما يخص الكتيبة من جميع محتوياتها “الدبابات والرشاشات القنابل التكليسكوبات، الطبنجات، القنابل اليدوية، شكَّلنا الكتيبة وأنهينا تشكيلها بالكامل في شهر نوفمبر عام 1968م، وكانت في حدود 31 دبابة بجميع محتوياتهم.

 

* هل تذكر لنا المناطق التي تحركت لها الكتيبة قبل خوض الحرب؟

صدر لنا الأمر من القيادة العامة لقيادة اللواء بأن نتحرك إلى مدينة الغردقة وبقينا هناك حتى شهر مايو 1969م، ومن شهر مايو في نفس السنة عدنا إلى مدينة السويس إلى الفرقة الخاصة بنا، وفي هذا الوقت بدأت حرب الاستنزاف، كانت مجموعات كبيرة من قوات الصاعقة والمظلات يتعاملون خلف خطوط العدو، وبمساعدة المدفعية الغير مباشرة من جهة الغرب، كما كانت القوات المسلحة تقوم بتجهيز قواعد صواريخ في المنطقة من العين السخنة حتى جنيفة، وفي هذا الوقت كنت رقيب أول سرية الدبابات، وكانت هذه الكتيبة مشهورة بالرقباء الأول المجندين على مستوى الجيش الثالث الميداني.

 

في يناير سنة 1970م بدأنا الانتقال من منطقة «الكيلو 7 » في بطن عتاقة إلى بور توفيق، وبقينا على بوابة بور توفيق نحو 4 أيام حتى تم إيقاف إطلاق النار، ومن ثم تقدمت القوات نحو بور توفيق، وخلال تلك الفترة قبل الحرب كانت هناك دورات تدريبية متتالية ومشروعات قومية للقوات المسلحة في الصحراء الغربية، وكنا نمثل عملية العبور داخل هذه المشاريع وخاصة في ترعة الخطاطبة، وما بين منطقة كانت على طريق الكيلو 85 على طريق ألماظة السويس، وعملنا قناة وكباري وكلها كانت للتدريب، وبقينا تحت التدريبات إلى أن اقترب موعد الحرب.

 

* وماذا أيضا..؟

في 30 سبتمبر 1973 انتقلنا جميعا من الكيلو 7 إلى خط القناة، وكنا قد قمنا بتجهيز مزاغل لضرب النار على الساتر الذي أقمناه على الجبهة، وقمنا بعمل ساتر ترابي مماثل للساتر الذي أقامه العدو الإسرائيلي على خط بارليف، وكان يتم الصعود أعلى الساتر لعملية الضرب على نقطة العدو والعودة مرة أخرى، وخلال هذه الأيام قبل يوم 6 أكتوبر كنا قد ظننا أن هذا مشروع تعبوي على مستوى القوات المسلحة، ولا أحد يصدق أننا سوف نخوض حرب.

 

* كيف مرَّ عليكم يوم 6 أكتوبر؟ 

جاء يوم 6 أكتوبر 1973م في الساعة العاشرة صباحا، كان لي نصيب في حضور أمر القتال مع قائد اللواء، كل قيادة كان لها مهام بساعات محددة، وكل هذا تم معرفته قبل ساعة الصفر بدقائق، ومما أتذكره أن الطيران كان موعده الساعة الثانية إلا ربع ظهراً، وفي تمام الساعة الثانية يتم دخول الأفواج نحو الشرق بالقوارب المطاطية لاحتلال الساتر الشرقي كله، وخلال فترة الـ 15 دقيقة كان هناك ضرب مكثف بالمدفعية وكنا مشتركين في المدفعية المباشرة على خط القناة وكانت بيننا وبين النقطة القوية نحو 140 متر، كنا نضرب عليهم بالمدفعية المباشرة حتى لا نترك لهم الفرصة لمشاهدتنا من المزاغل الخاصة بهم من ناحية ولا يتعاملوا مع الأفواج من الجنود المقاتلة التي سوف تدخل بالقوارب المطاطية إلى الساتر الشرقي، وبدأ التعامل بإطلاق النار الذي استمر نحو ساعة أو ساعة نصف تقريبا، وبعد الساعة ونصف تمت إصابتي، والدبابة الخاصة بي أيضا تم إصابتها وانحرفت يمينا على غير مسارها، ودخلت الشظايا على سائق الدبابة فأصابته.

 

*هل كان هناك ردا من العدوان الإسرائيلي وكيف تعاملتم معه؟

 

بعد تعامل القوات الجوية والطيران الحربي على نقاط العدو، كان هناك رد من طيران العدو الإسرائيلي، وفي هذه اللحظة تعاملت الصواريخ المصرية مع هذه الطائرات وأسقطت الكثير منها وهرب الباقي، وتقدمت القوات المصرية في عمق 18 كيلومتر بعد القناة، وكان بين الحين والآخر يتم إطلاق النار علينا ونحن بدورنا نقوم بالرد عليهم إلى أن جاء حدث ثغرة الدفرسوار وتم دعم القوات المصرية بالمظلات وقتها، وكان هناك معاونة من الأهالي في سيناء والقوات في بدء عمليات الأسر للجنود الإسرائيليين، تم أسر أعداد كبيرة منهم، إلى أن جاء الأمر بوقف إطلاق النار.

 

*ماذا فعلتم بعد قرار وقف إطلاق النار؟

كنا نقوم بسحب بعض المعدات المتناثرة لنا أمام العدو الإسرائيلي، حيث كان ميثاق دولي بعدم التعرض بإطلاق النار من الجانبين، وكنا قد تحفظنا على عدد كبير من المعدات الإسرائيلية خلال تلك الفترة، وتم عرضها في معرض كبير بمحافظة السويس.

 

* كيف يمر عليك ذكرى انتصار أكتوبر في كل عام؟ 

6 أكتوبر هو يوم عظيم وتاريخي لما حققناه من انتصار على أرض الميدان، حيث استرجع بالذاكرة لسنوات مضت أنا وزملائي ما تم في هذا اليوم، ونتذكر شهدائنا الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم لاسترداد هذا الجزء المقدس من أرض مصر الغالية.

 

* لمن توجه رسالة شكر؟

أتوجه بخالص شكري وتقديري للسيد اللواء الدكتور محمد عبد الفضيل شوشة محافظ شمال سيناء الحالي، حيث أنه الوحيد الذي قام بتكريمنا في العام السابق 2019م في حفل كبير بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، وهذا هو أول تكريم لي منذ أن انتهينا من حرب 1973م.

 

*ماهي رسالتك للرئيس السيسي وللشباب؟

أقول للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي « سر ونحن من ورائك، ونحن معك قلباً وقالبا»، وأنصح الشباب جميعاً: «اتقوا الله في أنفسكم وفي وطنكم وبلدكم، والخير قادم إن شاء الله».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى