تل المشربة بدهب: كنز الأنباط المفقود على خليج العقبة بانتظار الزوار
يعد تل المشربة في دهب ميناء الأنباط القديم الذي شكل مركزاً للتجارة بين الشرق والغرب على مدار آلاف السنين، ورغم مكانته التاريخية المهمة إلا أنه محاط بسياج حديدي مغلق أمام الزوار، ما يثير فضول العديد من المهتمين بالتراث.
يقع تل المشربة على الممشى السياحي بمدينة دهب في جنوب سيناء، حيث أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان، الخبير الأثري بالمنطقة، أن هذا الميناء استُخدم منذ نهاية القرن الثاني الميلادي لخدمة التجارة الدولية، مشيراً إلى أن تصميم الميناء تم على شكل مستطيل مُحاط بسور خارجي وبوابة محمية ببرجين دفاعيين، ويضم 23 غرفة بالجزء الشمالي كانت مخصصة لخدمات النقل والبضائع، بالإضافة إلى فنار لإرشاد السفن ومحرقة للأخشاب.
وأضاف ريحان أن الأنباط شيدوا الميناء باستخدام الحجارة المرجانية المتوافرة في البحر الأحمر، وكذلك حجارة أكثر صلابة لمقاومة عوامل التعرية، كما أوضح أن اسم “تل المشربة” يعود لظاهرة تردد الجمال والإبل لشرب المياه عند هذه المنطقة، حيث اكتشف أهل سيناء وجود عين مياه عذبة بالقرب من الموقع.
ويكشف ميناء دهب عن عمق الروابط التاريخية بين الثقافات، إذ تم العثور على أواني كان يستخدمها المسيحيون المقدسيون في طريقهم إلى القدس عبر سيناء، مما يعكس التسامح الديني والتعاون بين الحضارات القديمة. وقد شهد الميناء إعادة استخدامه في العصر البيزنطي كحصن دفاعي بين القرنين الرابع والسادس الميلادي، حيث كانت السفن تقل الحجاج المسيحيين والمسلمين معاً من ميناء القلزم (السويس) إلى الطور، ما يعكس تحول طرق الحج آنذاك من البرية إلى البحرية.
وفي ظل هذا التاريخ الثري، بدأت دعوات للترويج السياحي لفتح الموقع أمام الزوار، حيث يرى الخبير السياحي محسن جعفر أن الموقع بحاجة إلى تطويره وتهيئته ليستقبل السياح، مقترحاً وضع لافتات إرشادية بلغات متعددة لتعريف الزوار بأهمية هذا المكان.