المزيد

أيمن حافظ عفره “خادم العرب” يكتب.. عن كبرياء رمال سيناء

 

مثلي كمثل ملايين المصريين الذين تابعوا اليوم حدثا نوعيا يبعث على الفخر والاعتزاز وقلت في نفسي سبحان مغير الأحوال.. ذاك المشهد كان وذلك الحدث هو الاحتفال بعودة خطوط السكك الحديدية للعمل في سيناء ومرور أول قطار محملا بالخير وهو يمرق بين كثبان وتلال وأودية وجبال سيناء الحبيبة وجذبتني الذاكرة لسنوات خلت كانت فيها تلك التضاريس الجغرافيا مرتعا المرتزقة وملجأ للخونة وملاذا لقوى الشر والفتنة قبل أن يطهرها الجيش المصري الباسل ورجال الشرطة الأشداء ومعهم عرب وقبائل سيناء أسود المعارك وحمدت الله ألف مرة على نعمة جيشنا الوطني وشرطتنا العريقة وأبناء العشائر والقبائل الشجعان .

 

مشهد اليوم له رونق خاص في النفس لأنه يتزامن مع احتفالات مصر بذكرى نصر أكتوبر الـ 51 والتوقيت مقصود ليوجه رسالة لعملاء الأوطان وخونة الشعوب أن مصر أكبر من كل كيد وأعظم من أي مؤامرات وأن لرمال سيناء منعة وكبرياء وسر أنها تلفظ كل خائن.

كان ولايزال وسيظل نصر أكتوبر المجيد الحدث الأهم في تاريخ مصر والعرب الحديث بكل تفاصيله، لأنه خرج من نطاق الحدث إلى آفاق المعجزة، ومن إطار

الحرب إلى مستوى الملحمة. فما حدث في أكتوبر ليس مجرد حرب لبضعة أيام انتهت بانتصار المصريين، بل هو أكبر من ذلك بكثير، فهي حكاية شعب كامل وأمة عريضة، لم تعتد على الهزيمة ولم تعايش من قبل الانكسار، وشعب لم ينم يومًا وأرضه محتلة، بل كان على الدوام يحكم إمبراطوريات مترامية الأطراف، والآن يعيش الاستثناء وليس القاعدة.

 

كان المصريون يعيشون أيام ما بعد النكسة في أرقٍ دائم وحياة ضد طبيعة الأشياء وعكس تدوينات الجغرافيا والتاريخ، وضد كل ما هو مصري بشموخه وكبريائه وعظمته.

 

تجرع أهل مصر المرارة كاملة عقب نكسة 67 بكل تفاصيلها، وحبسوها في صدورهم حتى أتت ساعة الانتقام الكبيرة والحساب وفعلوا ما أسماه العالم معجزة عسكرية على أعلى مقياس عسكري، وهو نفس الوصف الذي استخدمه بطل الحرب والسلام.

 

كان الغل ورد الاعتبار هو ما يحرك جحافل الجنود الغاضبة، الرغبة في تصحيح الزمن كانت هي الدافع الذي ذاب تحته خط بارليف المنيع، وأمام ذلك كله كان الهدف هو إعادة التاريخ لمساره الحقيقي وأن يعرف الجميع حجم مصر وقوتها وتأثيرها وأنها ستبقى ضد الانكسار ولا تستسيغ الهزيمة ولا تقبلها.

 

لقد وقف العالم كثيرًا أمام طوفان جنود مصر الذين يهدون خط بارليف فوق رؤوس الجنود الإسرائيليين، وكيف شقوا جبال الرمال على طول القناة لتمرق منه الدبابات والمعدات الثقيلة، ولم يصدق العالم عينيه وهو يرى العقيدة القتالية

الحقيقية للجيش المصري، رجال يحبون الشهادة أكثر من الحياة ويتسابقون نحو تحرير الأرض وتطهيرها من الدنس، وسردت أيام الحرب بطولات للمصريين لا يمكن حصرها، وكلها تصنف بأنها بطولات تفوق طاقة البشر، لكنهم المصريون حين يغضبون لعرضهم وأرضهم تراهم أسودًا ضارية.

 

السادات الرئيس المؤمن داهية الحرب وفيلسوف السياسة والفلاح الذي أذل قادة اليهود وهزمهم شر هزيمة على الهواء مباشرة وأمام كل العالم، لم يشك لحظة في قوة غضب المصريين التي بفضلها سيتحقق النصر، ولم يراوده شك قط في غرفة العمليات أن المقاتل المصري سوف يفعلها ويحقق المعجزة ويعوّض لحظات السنوات الست العجاف، ولم يخذله جنوده أبدًا وكانوا على قدر المسؤولية.

 

نجح السادات في أن يحوّل نصر أكتوبر إلى نكسة لجولدا مائير ونهاية مستقبلها السياسي، كما تمكن بفضل ملحمة العاشر من رمضان في أن يحيل عشرات من قادة السياسة والحرب الإسرائيليين إلى التقاعد بعد فضيحة يوم كيبور، وهي هزيمة ماحقة ضربت الغطرسة الإسرائيلية في مقتل وأذهبت نعرة التفاخر والتعالي التي اعتادوا نثرها على بقية الشعوب.

 

ستبقى معارك أكتوبر درسًا مفيدًا للمصريين يتوارثونه عبر الأجيال، فقد كان حدثًا فارقًا في سفينة الوطن التي ظن القراصنة أنها يمكن أن تقع في الأسر، ويكفيها أن أعادت للمصريين ثقتهم في أنفسهم وفي بلادهم وفي تلك الكاريزما

الدولية التي تشتهر بها بين الدول.. مصر عظيمة وستبقى كذلك.

 

ولأن الشيء بالشيء يذكر وبمناسبة مرور 51 عامًا على حرب أكتوبر المجيدة، كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن محضر التحقيقات مع «إيلى زعيرا» رئيس شعبة الاستخبارات بالجيش الإسرائيلي «أمان» خلال اللجنة التي تم تشكيلها لمعرفة سبب هزيمة الجيش الإسرائيلي والتي تسمى لجنة

«أجرانت» التي كان يترأسها القاضي المتقاعد;شمعون أجرانت وقال «زعيرا» في محضر استجوابه إنه قبل 10 أيام من اندلاع حرب أكتوبر ما كان أحد يستطيع أن يخمّن بأن الجيشين المصري والسوري ينويان شن هجوم على القوات الإسرائيلية المحتلة لسيناء ولهضبة الجولان.

 

وأكد القائد الإسرائيلي أنه يتحمل مسؤولية عدم تقدير الموقف كاملاً ، لكونه لم يوجه تعليمات للقيادات العليا بتوخي الحذر بأن الجيش المصري يخطط لاستعادة سيناء.

 

ختامًا.. لسنا في حاجة إلى شهادة زعيرا أو بقية جنرالاته المهزومين، فنحن نعرف حجم الحدث، لأننا صنعناه ونعلم كم تبعاته المزلزلة على الجانب الإسرائيلي وحجم المرارة والألم الذي صبّه المصريون صبًا في أفواه أعدائهم.

 

سلمتِ يا مصر وسلمت يداك وعاش شبابك يصنع المجد والأمل في كل شبر، وتحية لقائدنا الزعيم عبد الفتاح السيسي، الذي يقود ملحمة تنمية وإعمار في كل أنحاء البلاد لا تقل عن ملحمة العبور الخالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى