تعرف على ديار قبيلة طيء واعلامها
تعرف على ديار قبيلة طيء واعلامها
كانت منازل قبيلة طيء الأولى في حائل، وخرجوا منها إلى الشمال بعد سيل العرم، وفي خروجهم يقول دغفل الشيباني: «سار جابر وحرملة أبناء أدد بن الهميسع بن عمرو بن عريب بن عمرو بن الأزد ومعهما ابن أخيهما طيء، وكان اسمه جلهمة. فأقاموا فيما بين تهامة واليمن، ووقع بين طيء وعميه ملاحاة، ففارقهم، وسار نحو الحجاز ثم سار إلى جبل طيء». وذكر القلقشندي نحو ذلك قائلا: «كانت منازلهم باليمن فخرجوا منه على أثر خروج الأزد منه، ونزلوا سميراء وفيد في جوار بني أسد، ثم غلبوهم على أجا وسلمى، وهما جبلان من بلادهم، فاستقروا بهما، وافترقوا في أول الإسلام في الفتوحات،» وكان يحدهم في الجاهلية من الشمال بنو كلب، ومن الشرق والجنوب بنو أسد، ومن الغرب بنو غطفان. قال ابن سعيد المغربي: «ومنهم في بلادهم الآن أمم كثيرة تملأ السهل والجبل حجازاً وشاماً وعراقاً». ومنهم الآن بطون كثيرة متفرقة في شمال الجزيرة العربية وباديتي العراق والشام، ينضوي معظمها تحت اسم قبائل شمر، قال المؤرخ أحمد أمين: «كانت طيء تسكن الجبلين الشهيرين أجا وسلمى، وهما المعروفان الآن بجبل شمر، وقد سكنتها طيء قبل الإسلام، واشتهر ذكرها حتى كان السريان والفرس يسمون كل العرب طيئا».
بعد فترة وجيزة من الهجرة، ظهرت لأول مرة طيء في المصادر القديمة حيث ذكرها كل من برديصان وهيبوليتوس الرومي وأورانيوس ضمن القبائل المميزة في شبه الجزيرة العربية خلال النصف الأول من القرن الثالث الميلادي. وفي أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس الميلادي بلغت طيء أوج قوتها، وكان لها غارات واسعة على سوريا والعراق خلال أوقات الجفاف، لدرجة أن المؤلفين السريان واليهود من بلاد ما بين النهرين استخدموا اسم طيايا وطياية لوصف رجال القبائل العربية بشكل عام من أي قبيلة كانوا، أي: إنها استعملت عندهم بمعنى عرب، وفي ذلك قال جواد علي: «لا يعقل إطلاق اسم هذه القبيلة على جميع العرب لو لم تكن لها منزلة ومكانة في تلك الأيام، ولو لم تكن قوية كثيرة العدد ممعنة في الغزو ومهاجمة الحدود، حتى صار في روع السريان أنها أقوى العرب، فأطلقوا اسمها عليهم». دخلت الكلمة السريانية أيضًا إلى لغة الفرس الساسانيين مثل “Tāzīg” و”Tāzī”، وتعني أيضًا العربي. ولعبت طيء دور رئيسي في أواخر القرن الخامس في منطقة بلاد الرافدين، وكان لها غارات كثيرة، مما دفع الساسانيون والبيزنطيون على رسم حدود بينهم لمنع الغارات المستقبلية من طيء وحلفاءها من العرب. وفي القرن السادس الميلادي ذكر الأسقف السرياني كل من يوحنا الأفسسي و«سمعان بيت أرشام» طيء في معسكر جيش المنذر الثالث ملك الحيرة.
ذكر ابن الكلبي من أصنامهم الفَلْس، أقاموه شرقي جبل أجا على ملتقى طرق القوافل، وسدنته بنو بولان. ومن أصنامهم أيضاً: رُضا، ووَدّ، ومناة، وعائم، وباجر، ويغوث، وغيرها. وورد أيضاً أن (أحودما) (المغريان) تنقل بين طيّء مبشراً بالمسيحية في سنة 559 للميلاد، وقد كان عدي بن حاتم في جملة الداخلين في النصرانية من طيء. وعند ظهور الإسلام كان لطيء علاقة بمنطقة العراق، فقد استوطن بعض أفرادها الحيرة، وعندما زالت دولة المناذرة ولي الحيرة قبيصة بن إياس بن حية الطائي، ولما قدم خالد بن الوليد في تحرير العراق استقبله قبيصة بالترحاب.
تعد طيء من أعظم القبائل العربية، وقد تمثلت فيها مقومات المجتمع العربي كاملة، ولعل أبرزها الكرم والفروسية، فمن رجالها المشهورين في هذا المجال حاتم الطائي، وكان مضرب المثل في جوده وكرمه وأفعاله النبيلة، وزيد الخير الطائي فيما عُرف به من فروسية وشجاعة وأخلاق حميدة، ولعله الفاتح الأول في الإسلام، فيما اقترحه على النبي أن يعطيه ثلاثمئة فارس ليغير بها على حدود الروم، وممن اشتهر منهم في الجاهلية إياس بن قبيصة، وكان عامل كسرى على الحيرة، والأسد الرهيص، وهو الذي ينسب إليه قتل عنترة بن شداد العبسي. ومن مشهوريهم في الإسلام عدي بن حاتم، وكان ممن ثبت على الإسلام إبان الردة، وهُرع بالصدقة إلى أبي بكر، وسفانة بنت حاتم، وكانت السبب في إسلام عدي وسائر قبيلتها، ورافع بن عميرة الطائي، وكان دليل خالد بن الوليد لما سار من العراق إلى الشام، وصاحبه في الفتوحات. ومن علمائهم ابن مالك النحوي، والشيخ محيي الدين بن عربي. ومن شعراء هذه القبيلة أيضاً أبو تمام الطائي، الشاعر الأديب، صاحب الحماسة، ورائد التجديد الشعري في عصره، ومنهم الشاعر البحتري.
نسب طيء
يجمع النسابون على نسبة طيّئ إلى القبائل اليمنية، ويذكرون أنها قبيلة كبيرة من كهلان، من القحطانية، جدها الأكبر طيّئ. وفي سرد نسبهم أقوال، منها:
طيئ وهو جلهمة بن زيد بن أدد بن الهميسع بن عمرو بن عريب بن عمرو بن الأزد، وهو أقدم الأقوال للنسابة دغفل الشيباني، قال: «وسار جابر وحرملة أبناء أدد بن الهميسع بن عمرو بن عريب بن عمرو بن الأزد ومعهما ابن أخيهما طيء، وكان اسمه جلهمة. فأقاموا فيما بين تهامة واليمن، ووقع بين طيء وعميه ملاحاة، ففارقهم، وسار نحو الحجاز ثم سار إلى جبل طيء». وقد نقل ياقوت الحموي هذا النسب مختصرا إلى الهميسع عن ابن الكلبي وأبو عبيدة، واستنكر الحموي على ابن الكلبي تناقضه في نسب طيء، ويظهر أن ابن الكلبي أخذ نسب طيء في كتابه الأنساب عن أبيه محمد بن السائب، وأخذ نسب طيء في كتابه افتراق العرب عن دغفل الشيباني، فوقع هذا التناقض.
طيء وهو جُلْهُمَة بن أُدد ابن زيد بن يشجب بن عريب بن مالك بن زيد بن كهلان، وهو قول أبو حاتم السجستاني.
طيء وهو جُلْهُمَة بن أُدَدْ بن زيد بن يشجب الأصغر بن عريب بن زيد بن كهلان، هكذا نسبه هشام الكلبي وابن حزم.
طيئ وهو جلهمة بن أدد بن زيد بن عريب بن زيد بن كهلان، وهو قول أبو محمد الهمداني وابن خلدون.
طيئ بن بن أدد بن زيد بن كهلان، وهو قول ابن قتيبة وأبو الفرج الأصفهاني وأبو المنذر الصحاري.
طيء بن أدد بن مذحج بن زيد بن يشجب الأصغر بن عريب بن مالك بن زيد بن كهلان، وهو قول شذ به عبد الملك بن هشام وقال: «طيّئ بن أدَد بْنِ مَالِكٍ، وَمَالِكٌ: مَذْحج بْنُ أدَد، وَيُقَالُ طيِّئ بْنُ أُدَدَ بْنِ زَيْدِ بْنِ كهلان بن سبأ».
أقرب القبائل نسبًا لطيء حسب تقسم النسابة القدماء
قال هشام الكلبي عن أبيه محمد بن السائب الكلبي:«ولد كهلان: زيدا، فولد زيد بن كهلان: عريبا ومالكا، فولد عريب بن زيد: يشجب، فولد يشجب بن عريب: زيدا، فولد زيد بن عريب: أدد بن زيد، فولد أدد بن زيد: مرة، ونبتا وهو الأشعر، ومالكا، وجلهمة وهو طيء». وقال أبو المنذر الصحاري:«وَلد كَهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان: زيد بن كهلان، فولد زيد بن كهلان: مالك بن زيد، وأدد بن زيد. فولد أدَدُ بن زيد بن كهلان خمسةً: طياً، ومالكا وهو مذحج، ومَرّةَ، وعريبَ ، والأشعر ويقال: إن الأشعرَ بن سبأ. وقد أتينا به فيما تقدم – فهؤلاء بنو أدَد بن زيد بن كهلان». وقال أبو الفداء: «أما بنو كهلان فأحياء كثيرة مشهورها سبعة: الأزد، وطيء، ومذحج وهمدان، وكندة، ومراد، وأنمار».
بنو طيء
أولد طيئ ثلاثة أبناء فيما ذكر النسابة، وهم:
فطرة بن طيئ
الغوث بن طيئ
الحارث بن طيئ، ودخل بنوه في قبيلة المهرة.
ديانات طيء قبل الإسلام
إنَّ الأديان التي دانت بها طيّئ في جاهليتها كانت من جنس الأديان التي دان بها العرب، فهي قبيلة وثنية تعتقد أنها على شيء من دين إبراهيم، وذكر ابن الكلبي من أصنامهم الفَلْس، أقاموه شرقي جبل أجا على ملتقى طرق القوافل، وسدنته بنو بولان. ومن أصنامهم أيضاً: رُضا، ووَدّ، ومناة، وعائم، وباجر، ويغوث، وغيرها. وهي أيضاً من القبائل التي وجدت النصرانية إليها سبيلاً، فورد أن (أحودما) (المغريان) تنقلوا بين طيّئ مبشراً بالمسيحية في سنة 559 للميلاد، وقد كان عدي بن حاتم في جملة الداخلين في النصرانية من طيء.