منوعات

في اليوم العالمي لـ “الشاى”.. هل سمعت عن مذهب “الشائية” في اليابان؟

أميرة جادو 

يحتفل العالم اليوم باليوم العالمى لـ “الشاي”، لأنه المشروب الأشهر فى العالم، وقد صدرت العديد من الكتب التى تناولت قصة هذا المشروب، لكن لا يزل كتاب “الشاي” لـ أوكاكورا كاكوزو، والذى صدرت ترجمته عن مشروع كلمة، أحد أهم الكتب التى تحدثت عن الموضوع على الرغم من ظهوره منذ قرن.

الشاي قبل أن يصبح مشروب

يقول الكتاب فى مقدمته، قبل أن يصبح “الشاى” شرابًا، كان عشبة طبية إلى أن أدخلته الصين فى القرن الثامن الميلادي، إلى مملكة الشعر، بوصفه واحداً من المتع الكيسة.

مذهب الشائية في اليابان

أما القرن الـ 15، شهد رفع اليابان للشاى إلى مصاف المذاهب الجمالية الراقية، لينشأ بعدئذ ما يمكننا تسميته مذهب “الشائية”، وقد انبثقت “طائفة” الشاى من صلب تقدير سمو الجمال فى خضم الحقائق الدنيئة للحياة اليومية، وهى طائفة تحتفى بالنقاء والتناغم، وبسر الكرم المتبادل، وبرومانسية النظام الاجتماعي، وهى تجسد بالضرورة عبادة للنقصان، كما أنها محاولة رقيقة لإنجاز ما أمكن فى خضم هذا المستحيل الذى تسميه الحياة.

ولا تمت فلسفة الشاى بصلة مباشرة لعلم الجمال بالمعنى المألوف لهذا التعبير، إذ أنها تختزل، فضلاً عن الأخلاق والدين، وجهة نظر متكاملة عن الإنسان والطبيعة، وهى فلسفة مرتبطة بالنظافة، بما أنها تحث عليها وهى تعنى أيضاً بالاقتصاد، إذ تجد أرضية لها فى البساطة أكثر مما فى التعقيد والتكلف وهى هندسة أخلاقية، بوصفها بوابة أخلاقية لإحساسنا بالتناسب فى هذا الكون، وهى تمثل الروح الحقيقية للديمقراطية الشرقية إذ تجعل جميع مريديها أرستقراطيين لجهة الذوق.

حضور الشاي

لقد لعبت العزلة الطويلة التى عاشتها اليابان عن بقية أنحاء العالم، بوصفها سبباً لتأمل الذات وسبر أغوارها، دوراً أساسياً فى تطور “الشابية”، أن منازلنا وعاداتنا، أزياءنا ومطابخنا فنون الخزف والشراب والتزيين والرسم، وحتى أدبنا نفسه، كانت جميعها عرضة للتأثر بعالم الشاي، حتى أنه ليس من دارس للثقافة اليابانية يسعه تجاهل حضور الشاى فيها.

لقد طاول هذا العلم تلك الكياسة التى تجدها فى خدور النساء، وداخل مساكن الفقراء بسببه اعتاد فلاحونا على تنسيق الزهور، كما اعتاد أكثر عمالنا خشونة على أداء التحية للصخور ومياه الأنهار. وقد نصف فى تعابيرنا الدارجة إنساناً ما بأنه “خلو من الشاي”، حين يكون منبعاً إزاء الميول “الجد هزلية” التى يشهدها مسرح الدراما الشخصية. أما ذلك الجامع فى شغفه بالجمال الذى يتناسى ماسى الحياة الدنيا، ويعيش حياة مستهترة فى ربيع المشاعر الحرة، فإننا نصفه بالقول إنه “مفعم بالشاي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى