المزيدفنون و ادبكتابنامنوعات
أخر الأخبار

الرومانسية وشعراء الحب العذري

 

كتب: حاتم عبدالهادي السيد

وقد تأسست الرومانسية العربية القديمة على أيدى شعراء الحب العذري الذين طورا القصيدة العربية، وانتقلوا بها – (تحولات القصيدة العربية) – من الوقوف على الأطلال ووصف الفرس أو الناقة، واللغة الصخرية الجامدة الى لغة العاطفة، ولعل امرؤ القيس كان واصفاً؛ سبّاقاً، الى وصف الفرس والمحبوبة فهو القائل :
مكر مفر مدبر مقبل معاً كجلمود صخر حطه السيف من عَلِ

كما كان النابغة الذبياني شاعراً فارقاً، وواصفاً، ومتغزلا، وقد أبدع لنا الروائع الشعرية في أميمة حين يقول :

كليني لهم يا أميمة ناصب وليل أقاسيه بطىء الكواكب
تطاول حتى قلت ليس بمنقض وليس الذى يرعى النجوم بآيب

إلا أن الخنساء؛ شاعرة العرب الأولى، وأميرة الشعر العربي لم نجد لها مثيلاً في الفخر والوصف، فنراها تمتدح أخاها صخراً فتصفه بأجمل الأوصاف وأقواها – دون ان تقف بالأطلال وبنائية القصيدة الجاهلية القديمة ؛ عبر صورة شاهقة، لا تُبارى ، حين تقول :

وإن صخراً لمولانا وسيدنا وإن صخراً إذا ما نشتو نَحَّار
وإن صخراً لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار

فأي وصف شعرى أبلغ من ذلك على امتداد العصور؛ في البلاغة ودقة وقوة وجمالية الوصف، مع الحفاظ على مخصوصية الشعر العمودي، لكنها صفّته، وبردت لغته؛ عبر براح الهدير الزاعق والذى يخش الى الروح ويخاطب العقل والوجدان والكون والعالم والحياة !! .

ولقد استطاع شعراء الغزل والحب،وشعراء الخمريات؛ أن يرفدوا نهر الإبداع العربي بعدة روافد متعددة أفادت في حركة التجديد الشعرى، بل أنهم طوروا الشعر واتجهوا الى العاطفة؛وكأنهم يؤسسون الرومانتيكية على الطرز القديمة الشاهقة، والجميلة أيضاُ؛ وتلك كانت أولى مظاهر التحولات للشعر العربي القديم .

وتوالت “التحولات” الشعرية للقصيدة العربية في العصر الاسلامي بظهورالإسلام؛ وشعراء الدعوة؛ وكذلك في العصر الأموي والعباسي؛ وتأثر الشعر بنظام الحكم والسياسة والخلافة؛ وتتابعت التحولات مرتبطة بثقافة المجتمع وتمدينه وعمرانه؛ واتصاله بالفتوحات في البلاد الأخري؛ وبتقليد الحكام والسلاطين العرب لسلاطين الغرب؛ أو بظهور الفرق والمذاهب الفكرية والدينية والسياسية ؛ ودخول كثير من الملل والنحل الأخري في الدين الإسلامي؛ وغير ذلك .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى