الشعر العربي بين الأصالة والمعاصرة سيمولوجيا الحداثة في ديوان ” سِفرُ التَّوسل ” للشاعر : محمود حسن
الشعر العربي بين الأصالة والمعاصرة
سيمولوجيا الحداثة في ديوان ” سِفرُ التَّوسل ”
للشاعر : محمود حس
حاتم عبدالهادي السيد
تتغيّا الشعريّة الجديدة تأسيسًا نظريًّا أكثر حداثة، لما انتاب العصر من تقدم في التقنيات المتلاحقة للحاسوب، والميديا، وعالم الرقمنة، وغيرذلك، وتأسيسًا لما سبق، فإننا سنمتاح منهاجيةً أكثر اتّساقًا بروح العصر، فلا يجوز لناقد الآن، أن يتناول بالقراءة نصًّا عموديًّا بمنهاجية القدماء، إذ تتأول الشعريّة الجديدة إحداث تواصل بين العصور، ومعنى ذلك أنه لا يجوز مطلقًا – كما أرى- أن تتناول الدراسات النقدية الشعر العمودي ببلاغة القدماء، وشذراتهم المتناثرة، التي تشبه التعليق على النص، أوالتذوق، بحسب القارئ الذي يتوخّى الوزن والقافية، وإجادة الشاعر في بعض صوره، وما بها من بيانٍ وبديعٍ ومعانٍ، فقد تجاوزت القصيدة العمودية – التي يكتبها الشعراء الآن – هذه النظرة القديمة، وتعدّتها إلى ما بعد حداثية المعنى والمبنى، لتتّسق وذائقة العصر، وتتكشّف لتصل إلى المتبدّي خلف ظاهر النص، وإلى السياقات النصيّة التي تجاوز المباشرة إلى الجوهر، وتتغيا تواشجًا بين الأصالة والمعاصرة، مستشرفةً طرقًا مغايرة، وأسلوبية أكثرإشراقًا، ولن نقول التأويل بمعناه الظاهر، بل نبحث في القصيدة كنص أدبي يكشف عن فيوضاته، ويتوسّل مناهجه القرائية الجديدة، وغاياته التي تطرحها محايثاته، وتبدّلاته، وتحويراته المتشابكة .
وفى ديوانه : ” سفر التوسَل ” يحيلنا الشاعر / محمود حسن إلى إلغازية العنوان السيمولوجي، ولن نقول العتبة النصيّة بالطبع، فأي سفرٍ هذا الذي ينشده عبر قصائده التي يتوسل بها الذات/ القارئ/ النص العمودي الجديد؟!. وأي طريق سيسلكها لنسافر معه عبر سفره الخالد/ ديوانه، الذي يتوسّل به قلبه، قلب الجمهور، الآخر، ليطلعنا إلى خبيئة السر المكنون، عبر هذا الديوان المحايث/ المتشاكل منذ البداية، والذي يثير فينا دهشة وتساؤلات شتى عن طبيعة ذلك السّفر، وهل هو يتوسل سلطانًا، أم رئيسًا، أم إلهًا خالقًا، إلى غير ذلك من التأويلات والتهويمات التي ستدور بعقل القارئ، منذ اللحظة الأولى!! .
وإذا ولجنا إلى الإهداء الأكثر محايثة، عبر الشعريّة الرائقة، فإننا نتخاتل، ونهيم في الظنون، فهو يخاطب المرأة/الحبيبة/ الزوجة/ الأنثى بطراوتها وطزاجتها، وبكارتها، عبر لغةٍ متأنقةٍ، تنسال من مرمر الجمال، ومن نهر اللغة المتدفق من الروح، لتخشّ إلى الروح، يخاطب عينيها ليستلبها، ثم يلفّ شباك الحب حولها ليطوّقها حتى النخاع، ويحيطها بجمال شيفوني أشبه بغلالة نور حول حديقة ورد مبتهج، يقول :
عيناكِ قد قالتا ما لم تقُل لُغتي أعادتا لي جنوني في مراهقتي
أنثى تفجّر من شلالها مطرٌ أدار ترسًا أميريًّا بساقيتي
لاتعبئي بطحين الشعر واندفعي قد شاب شَعري وشبّت فيّ قافيتي. ( الديوان ص:3).
ولنا أن نُبدي أول ملاحظة عابرة – هنا – عبر قضية الشكل والمعنى” المضمون”، حيث تجيء الشعرية منثورة، وكأنها قصيدة تفعيلة، شعر منثور، حيث يوزع الشاعر بيته الواحد على السطور، في تخالفية ” لشكل البيت الشعري” ومعماريته، مصراعيه اللّذَين اعتدناهما في القصائد العمودية، وقد يقول قائل: ” تلك حيلة شكلية، أو نوعًا من مجاراة العصر، لكننا وإن نوافقهم في الجزء، فإننا نغايرهم بالكليّة، فليس معنى تغيير الشكلانية هو نوع من الحداثة، ولكن الشاعر يعمد إلى ذلك ليطوّق قصيدة التفعيلة، ويدخلها في عباءة العمودي، وكأنه – وغيره- يريدون أن يشيروا إلى تلك الاحتوائية، وأن التفعيلة هي إحدى أشكال القصيدة العمودية، وليست جنسًا تغايريًّا، أو قصيدة أخرى مغايرة، وإن كانت أكثر تحررًا لدى الشاعر من قيود القافية، ولعل “التدوير الشعري”، هو نوع من “الأناقة” التي خدمت القصيدة الجديدة، وأعطتها سعة على المستويين: الرأسي والعمودي، الدلالي والسياقي. وكذلك فإن “قصيدة النثر”- فيما أحسب – هي امتداد لتلك القصيدة المتجذّرة في الأصالة، ولا مانع عندنا من تغيير اسمها كما يروق – للنقاد الأكاديميين- لكنها في يقيني امتداد لتلك الشعرية الكبرى، وأعني القصيدة العمودية الخالدة .
كما يستفيد شاعرنا/ محمود حسن من المنجز الإبداعي الحداثي ويضمّنه معمار الشعرية المضامينية لديه، فخرجت القصيدة عنده تحمل سمت القديم، وتباهي بحداثتها، وتواشجها مع روح العصر، بل وتتعداه إلى رؤى صوفية، وسيميولوجية، وسيميائيّة، أكثر تأنقًا وشاعريةً، ولعمري هي الفطرة التي أشبّها في القصيدة، فأعاد لها شبابها، بعد شيبها، وألقها ورونقها، بعد خفوتها وغيابها لعقودٍ عديدةٍ، ولعمري فقد أعاد للقصيدة العمودية زورقها الذي كاد يغرق، أو ربما قد غرق، فيبحر بالحداثة الكونية، ومناداة الكثير بأبعادها عن وشائجية الإبداع، باعتبارها قصيدة تراثية، متحفية، معجمية، طلّسميَة، مغرقةً في المعاظلة، وجالبةً لكل حوشي وغريب، وأن لغتها لا تواكب العصر الـ ما بعد حداثي، لكننا نقرّ بأن الشاعر الشاهق/ محمود حسن، وآخرين معه، ممن يكتبون القصيدة العمودية – الآن- قد استطاعوا أن يزيلوا الغبش عن جماليات تلك القصيدة، ليعيدوها لتتصدّر المشهد الشعري، بل- وإني أحسب – بأنها التي ستسود من جديد، رغم كل ما ينادي به التنويريون الجدد، ومنظّروا ما بعد الحداثة الآنيّون.
إن/ محمود حسن، هنا، يتوسّل الحياة بالشعر، ويتوسل الذات بالكون، ويقدم قصيدة حداثية تخشّ إلى الروح مباشرة، لتعلق بالقلب والعقل والوجدان، وتنقش حديقة وعي نوراني، يتم رتقها في ذاكرة القارئ الذي يبحث عن مكنون الجمال عبر اللغة البسيطة السلسة التي ينتضم عقدها سبك الجمال الىّصوفيّ/ حالم، يبحث عن يقين الذات، وذات اليقين، وعن السّر وداخله، وما بعدياته الكامنة فيه، وكأنه صوفيّ عابد يحلق بنا عبر سماوات وبحار، وعقل حالم، ووجدان يقظ ، لتخرجه تلك “اليقظة الشعرية” من حالة الانجذاب الصوفي إلى حالة التّرقّي الفكري والفلسفي، وكأنه عروج إلى الذات، عبر المجتمع والكون، والعالم والحياة، يقول :
فيض من النهر أم ماء على الجبل لا عاصم اليوم من حرفين في الجمل
لا ثورة البحر في عينيك تأخذني ولا يداك هما أو رجفة القبل
هذا نبي من القلبين أرسله سفر التوسل في الألواح والنزل
هذي نبوءة قلب لا أكذَبه هزّي إليك جذوع الوجد واكتملي . ( الديوان ص: 17).
إنه ينشد الاكتمال في كمالها، كمال القصيدة عبر سفر التوسل الشاعري، وهنا ينجلي العنوان المحايث وتتفكك إلغازيته، فهو يتوسل الشعر سفرًا للعروج إليها: الحبيبة/ القصيدة/ الوطن/ الكون/ الحياة. وعبر هذا السفر الشعري الممتد يهريق روحه، ويستفيد من “التضمين التناصيّ”، و”الإحالات القرآنية”، والمفارقة، ولكنه لا يتوقف عند ذلك، بل يستخدم الإزاحة، والانزياح، ليصل إلى المعنى المراد: اليقين، الحقيقةالكبرى، الإيمان، الاكتمال، العروج إلى القيوم، الذات، اللانهائي، وكأنه خزّاف يصنع قصيدته بإتقان، وأناقة غاية في الجمال، ويوشّي معانيه بغلالة من الفيوضات الروحية والبلاغية واللغوية الشاهقة، يقول :
إني اتكأتُ على ركني ومسبحتي فلتغسلي غرّتي من طُهر مغتسل
أنا بلا خطأ في الحب يخجلني وما عبثتُ كما العشاق بالحيل
بكرٌ أنا رئتي قلبي وقافيتي إني ادَّخرتُ أنا ( حوّشتُ) في أجلي
حتى إذا ظهرت رؤياك في خَلَدي تفجّر الماء مكّيًّا من الجبل . ( الديوان ص: 19).
إنه يستخدم الصور البلاغية الإحالية، عبر الجناس والاستعارات والكنايات، لكنه لا يعوّل عليها في رسم الصورة فحسب، بل يضيف لها المعنى الاستعاري الإحالي التضميني، ليحدث دهشة الروعة، وجمالية التّشكيل السياقي، عبر هارموني الشعرية المتدفق، أو كأنه ينسج من صوف روحه جماليات اللغة الباذخة الأثيرة، فقد أحاطه النور بسياج العفّة والبكارة فلم يزلّ إلى الجسد، ولم يجنح إلى الغواية، بل ارتقى بالروح إلى آفاق أكثر شيفونية، وسرمدية وتأنق، وطهارة، كأنه المسيح الجديد للعصر، وهذا يظهر جليًّا في قصيدته ” اشتهاء”، التي نثر أصدافها على لآلئ الورق، فخشّت الروح من أقرب طريق، يقول :
وتكتبه القصيدة
ألف باء
وأكتبها
كمسألة اشتهاء …..
وشعري
في ملابسه أنيقٌ
بربطة عنقه
والكبرياء .( الديوان ص32).
فالشاعر هنا تكتبه القصيدة، لا يكتبها هو، فقد ذاب فيها حدّ الحلول والاتحاد، الذوبان، الاشتهاء، الوجع الشهيّ اللذيذ ، أو كما قال الشاعر: ( نحن روحان حلّا جسدا)، أوأنه يتماثل اليقين، ويبحث عن نورانية الشعر، وغلالته الشفيفة كأنه يتمثّل قول الشاعر الصوفى الجميل: ” محمد عثمان عبده البرهاني” شيخ الطريقة البرهانية :
أنا في أنا وإنى في أنا رحيقي مختوم بمسك الحقيقة.
إنه الشاعر الرّحال، المغني الكوني، الراعي القديم، البدوي المقيم على صحراء الدهشة والارتقاء والسكون، ينعى لنا القيم والعادات والتقاليد الجميلة، حيث لا إقراء لضيف، ولا فروسية وشهامة وكرم هنا، يحزن للمجتمع الذي أضحى الفساد فيه ثقافة، وأضحت القيم فيه تقاليد بالية، لاتليق بإسلامنا الشاهق، ولا حتى بالعصرنة والأمركة، فهو الشاعر القومي الذي يتغنى بالعروبة والإسلام، وينطلق من منطق الحب، وبحث الشعوب عن الخبز، كما يشير إلى علاقة الشعب بالسلطان: سيف المعز، الحجاج بن يوسف الثقفي، الحاكم المستبد، الظلم وإراقة الدماء، وكأن الإرهاب الحديث له امتداداته في تاريخنا العربي، يقول :
( يا كسرة الخبز / هل يمضي بطاويةٍ/ سيف المعز/ وتبني مجدها الدول / أو يذبح العربي / الآن ناقته / تلك الوحيدةَ / مضيافًا
ويرتجل / في منجنيقكَ ياحجاج / أسئلةٌ / تلهو بثابتنا / ليلًا وتغتسل ). ( الديوان ص :38).
ولنلحظ هنا أنه نثر عموديته: ليس اعتباطًا، أو نوعًا من تجديد شكل كتابة القصيدة العمودية، بل إنني أرى أن هذا الشكل المنثور قد أكسبها معانٍ متبدّاةٍ خلف ظاهر السياق الشعري، ومنحها أبعادًا وفضاءات أكثر براحًا. وهو ما فعله – تمامًا- شعر التفعيلة، وأرى أن الشاعر هنا قد أحدث نقلة في الوعي، على مستوى معمارية الشعرية، شكلًا ومضامينيةً، لأن إبراز المعنى يظهر أكثر جليًّا عند الوقف ( السّكت)، القطع – بحسب لغة السينيما – وإن تخلّله التّدوير، وكأنه تبئير نحو العمق، وعروج إلى الجوهر الأسنى للّفظة ومقصديّاتها، وما تحمله من دلالات ووشائج تاريخية، فسيف المعز، ومنجنيق الحجاج كداليَّن إحاليين – مباشرة- إلى سطوة الظلم الواقع على الشعب، ذلك الضعيف الذي ينحو إلى كسرة الخبز ليتقوّت الحياة، ناهيك عن غياب القيم، ونحر النياق للأضياف، مقابل بناء مجد الدول على الدماء، وكأن داعش اليوم، ليست بعيدة عن ظلم الأمس، وكأن واقعنا العربي مخضّب بالدماء على مدى تاريخه، ومن هنا تدخل الإسرائيليات ويتم ضرب الإسلام بخنجر خفافيش الظلام الساعين إلى تشويه الاسلام، إذ هو دين السماحة والعدل، ولكن ممارسة الحكام، وعروش السلاطين قد ابتنت مجدها على جثث الشعوب التي تنشد السلام، والعيش في أمان وسلام، وكأنه يحيلنا إلى التماثل لبيت شعر للشاعر / محمد ناجي حبيشة ،حين يقول :
فتاريخنا كله محنة وأيامنا كلها كربلاء
إن الشاعر هنا يستخدم المثيولوجيا، أو يوشّي قصائده بمنمنمات التاريخ، وعبر الإحالات والإشاريات السيموطيقية، يحيلنا إلى ذواتنا /واقعنا العربي/ حالنا اليوم، وهذا يتبدّى في قصيدته: ” سفر قابيل”، يقول:
(زمنٌ يشاكس/ في الزمان/ ويطبقُ / يا أيها الملكوت/ إنك ضيقُ / ما حاجة الشعر الأنيق / لشاعرٍ/ كُسرت عظام رويِّه / والمِرْفق/ غنّى بمذهبه / وراقص حرفه /عكَّازه ورق / وناي مُشفق / ألقوه في النار/ التي في قلبهم / صُهر الوجود / وقلبه لا يحرق / دفعوا بقافية / تقدّ قميصه / في كهفه / متصومعًا /لا يفسق) .( الديوان ص: 61-62).
والديوان مليء بالقضايا الدينية والفلسفية والتاريخية والسياسية، بل يحيلنا إلى المثيولوجيا الدينية، والتاريخ، ويمزج ما هو فلسفي بما هو اجتماعي، وما هو أيديولوجي، بما هو حداثي، ليحيلنا إلى أن نقف أمام أنفسنا، نصفق له، ونثمّن قلمه الذهبي، ونشاركه الأمل والألم، الشجن والبوح، الحزن والفرح، واستشراف المستقبل من خلال الماضي، واستلهام التاريخي والأسطوري مع الديني، المقدس والجميل، مقابل القبح والعدمية، والدليل والبرهان، مقابل الانفلات والخذلان، الحب والسلام، مقابل الكراهية والظلم والحرمان، ونشاهد معه غنى الذات، وأناقة الحرف والصورة، مقابل فقر الواقع وجشعه وظلمه واستبداده، وجمالية المعنى مقابل انغلاقية الرؤية: الفن للفن، والفن للحياة، وكل ذلك تجده، وغيره عندما تسايره في رحلاته من مصر إلى قرطاج، ومن العراق إلى الشام، ومن عشتار إلى عبد الناصر، من قابيل وبداية القتل البشري والظلم إلى الحرية والعدالة، من قتل الحسين في كربلاء، إلى حروب الرّدة وحروبنا العربية الآن، ومؤامرات تقسيم الوطن العربي الكبير. ومن الثورات العربية الكبرى على ظلم الأمويين والعباسيين، إلى حكم المماليك والسلاجقة والفرس، والصهاينة والروس والأمريكان، لذا لا غرو أن يجهر وينادي: ( أحتاج إلى لغة أخرى ، كي أجيء بالقصيدة البتول ” المريمية” ، القصيدة البكر، النورانية المشعّة بالصفاء لمطلع الهادي البشير: ( محمد عليه الصلاة وأذكى السلام) والذي يجيء خاتمة قصائد الديوان لديه، وكونه كذلك خاتم المرسلين، والنور الذي نحتاجه الآن من أي وقت مضى، لنعود إلى اليقين، إلى الإيمان، إلى الإله الخالق العظيم ، يقول :
الماء أنت وأنت الأرض والكلأُ والكل في واحدٍ بل وحدك الملأُ
والحق أنت وأنت النور مؤتلقًا ومن حنانيك نهر الحب يبتدأ
هذا محمد نهر الأرض يملؤها ريًّا فحلق الورى قد شقّه الظمأ
وتجيء الخاتمة فنراه يدعو إلى الإيمان، والعودة إلى الله خالق الأكوان، ونبذ التشرذم والاختلاف في المذاهب والملل والنّحل، فيصوّب وجهة راحلته نحو الوطن، ليتوسل بالحب رسول الله، ليدعو لنا بتوجيه بوصلة العرب والمسلمين للاتجاه الصحيح، يقول :
أهل التنطّع في الأديان محدثة عموا فما عرفوا فقهًا ولا قرأوا
إن السّياق لأهل العلم قاعدة يا ليتهم أكملوا نصًّا وما اجتزأوا
دسّ وتلفيق كذّابٍ ومبهتةٌ من حقدهن فيرس الإرهاب يبتدئ
مدوا النصال إلى شمسٍ محلقةٍ غلًّا ويدفعهم جهل وما هدأوا
يا أيها الوطن المغرور ساستُه تاريخنا دولٌ عظمى ونهترئ
الماء أنت وأنت الأرض والكلأ والكل في واحدٍ بل وحدك الملأ . ( الديوان ص: 122-123).
إنه يشير إلى حتمية التاريخ، الحتميات، المرجعيات والمذاهب التي نهشت قلب الوطن فحوّلته إلى شراذم، وغدا الإرهاب شعارًا، والسيف له الكلمة الأولى، وغاب الدين تحت سنابك جحافل المستعمر/ الدول العظمى، ونحن العرب من كانت لهم الحضارة والسيادة والرفادة والغلبة، فنراه يصرخ في براري العرب والكون والحياة بالاتحاد الذي يهزم الظلم، بالقوة، قوة الإيمان والإسلام التي ترهب إرهابي العالم: (الكل في واحد)، يجمعنا دين واحد، ووطن وقومية عربية، ولغةعربية، وحضارة سامقة. إنه الشاعر القومي، العروبي، الإسلامي، ينفتح على عصره، يعايش العصرنة، والأمركة الإمبريالية الصهيو- أمريكية / الأوروبية، يجابه الظلم بالكلمة التي هي أقوى من الرصاص، ويدعو إلى الوحدة، وعودة القومية العربية، عودة الاتحاد العربي، ليعود للمارد العربي جناحه الذي هيض بسبب الفرقة والزعامات، و”الخلافة المزعومة” لقيادة العرب والمسلمين. وهو الشاعر الذي يغزل من صوف روحه شعره، الذي يريقه دمًا على ذواتنا، مجتمعاتنا العربية التي تئن وتصرخ، فهل من مجيب لصراخه؟ أم أننا سنركن إلى قول الشاعر العربي القديم :
لقد أسمعت لو ناديت حيًّا ولكن لا حياة لمن تنادي .
سيظل / محمود حسن شاعرًا نبيلًا، سامقًا، باذخًا، يتوسل الشعر إلى الذات / المجتمع / العالم / النبيّ/ الإله الخالق، لعل أذنًا تسمع أو عينًا ترى، لنعيد رتق أوجاعنا، ولنبدأ من جديد !! .
حاتم عبدالهادي السيد
مصر- شمال سيناء – العريش- كرم أبونجيلة 13ش الطائف
01005762702/ مصر
Abdelhady.hatem@yahoo.com