نجع الفاخورة: مهد الفخار البارد ومعقل التراث المهدد بالزوال
في قلب قرية الحلة بإسنا، جنوب الأقصر، ينبض نجع الفاخورة بحرفة عريقة تعود جذورها إلى العصر الفرعوني. هنا، يتوارث الأهالي فن صناعة الفخار البارد، والذي يعد ليس فقط مصدر رزقهم بل جزءًا لا يتجزأ من هويتهم. لكن هذا التراث الثمين يواجه اليوم خطر الاندثار، مع تناقص المواد الخام وغياب استراتيجيات التسويق الفعّالة.
مهد الفخار البارد
يوسف عبدالعظيم، ابن الـ37 ربيعًا، يقف شاهدًا على هذه الحرفة التي تعلمها في صغره بورشة والده. حاصلًا على ليسانس في الدراسات الإسلامية، إلا أن شغفه بالفخار دفعه للتفرغ لهذه الصنعة، متمنيًا أن يحافظ أبناؤه على هذا الميراث العائلي. يصف يوسف مهنته بأنها تتطلب قوة ومهارة، فصناعة الفخار ليست مجرد عمل بل فن يتطلب الدقة والصبر.
كما يختص أهالي نجع الفاخورة بصناعة الأواني المائية كالقلل والزير والجرة، وكذلك الأواني الزراعية وديكورات الحدائق، وحتى “القادوس” لتربية الحمام والأرانب. يتم استخراج الطين المستخدم في هذه الصناعة من باطن الأرض، ويجب أن يكون خاليًا من الشوائب لضمان جودة الفخار.
مستقبل الفخار في نجع الفاخورة
عبدالفتاح سهري، أحد أعمدة هذه الحرفة، ينظر بقلق إلى مستقبل الفخار في نجع الفاخورة. فمنذ العام 2000، شهد النجع تراجعًا ملحوظًا في عدد الورش، ويعزو ذلك إلى تحول الجيل الجديد نحو مهن أخرى بحثًا عن دخل أفضل. كما يأمل سهري أن يلقى هذا الفن الأصيل الاهتمام الذي يستحقه من المسؤولين، ليس فقط للحفاظ على جودة ومتانة الفخار المحلي، بل أيضًا لدعم الحرفيين وتطوير مهاراتهم.
كما يتميز فخارها بمتانته وجودته العالية، ويأتي التجار من شتى الأقطار لشراء هذه المنتجات وتسويقها في بلادهم. وعلى الرغم من أن الأسعار تبدو زهيدة، إلا أن قيمة هذه الحرفة تكمن في تاريخها وأصالتها. كما يحلم سهري بأن يرى نجع الفاخورة يزدهر مجددًا، وأن تتوارث الأجيال هذه الصناعة الفريدة، محافظةً على إرثها العريق.