قبيلة الأحيوات.. عطر مكة في سيناء.. شارك جدهم مسعود بن هانئ في بناء الكعبة المشرفة
حاتم عبد الهادي السيد
تعد قبيلة الأحيوات واحدة من أهم قبائل سيناء؛ حيث هاجروا من وادي اللِّيث وبلاد مكّة؛ وسكنوا في وسط سيناء؛ في الديار المصرية؛ ثم انتشروا في مصر، الأردن، فلسطين، وبعض الدول العربية وانتسب الأحيوات إلى مسعود بن هانئ في وادى الليث في اليمن، وقد أكد ذلك المؤرخون حيث يقول نعوم شقير إن الأحيوات من بني عطيّة المساعيد المُنتسبين إلى مسعود بن هانئ.
كما أكد كلامه محمد المدنى؛ واللواء حامد صالح، معتمداً على مجلدات دير سانت كاترين فقال : الأحيوات من المساعيد من بني عطيّة ويعيشون في منطقة وسط سيناء إلى العقبة.
نسب الأحيوات
يعود نسب الأحيوات إلى “النجمات” من ذرية نجم بن سلامة بن غانم بن شوفان بن سعد بن صادق الوعد ؛ وكان نجم هو أول من أخذ الصرة من الحكومة المصرية لحماية طريق الحج.
ويطلق على الأحيوات اسم “اللحيوات” بحسب اختلاف لهجات النطق ولهم فى شبه جزيرة سيناء عدة قبور يُزار منها: قبر الشيخ حمدان ، والشيخ مسلم ، والشيخ صبيح، والشيخ عمر، وقبر الحجاج ، وقبر أبو ديب ؛ وأعظم مزاراتهم وأجلّها مزار جدّهم معلّة المسعودي في وادي معلى بجوار الكنتلّة؛ كما لهم مزارات أخرى في مناطق :الثمد ، الحيسي ، الردادي ، صدر؛ وغيرها.
فروع قبيلة الأحيوات المساعيد :
بزغ نجم قبيلة الأحيوات لشجاعتهم؛ حيث أسندت القيادة المصرية لهم حماية درب الحج المصرى القديم؛ وكان الإحيوات يسيطرون على أكثر من نصف درب الحاج في سيناء المُمتدّة من السويس للعقبة 240كم ؛ وامتد دركهم من مطلة نخل الشرقيّة للعقبة لمسافة 130كم.
ويتألف الأحيوات من قسمين، كما يقول الباحث راشد حمدان الأحيوى في كتابه عن “قبيلة المساعيد “؛ وكتاب ” قبيلة اللحيوات في الأردن ومصر وفلسطين؛ وهما قسمان كبيران :
1ــ الشوافين وهم: النجمات والغياثين والدوالية الحميدات والدعاجين والنصيرات والبعيرة والخناطلة والرضاوين والكساسبة والغنيمات والغراقين والخلايلة والنميرات والكرادمة والرمامنة والحواوتة والكبيشات والعمرة والقرينيّين والدلايلة والعشيان والعواودة والهلايلة والعتايقة والدغانجة والنشرة والطوال (ومنهم البدارة) وأحيوات القليوبية والأحيوي والعلالمة في بني سويف والشوافين في غزة والشرقية.
2ــ الصفايحة: وهم: الرشيدات والرصايصة والمليقات والحنيكات والحجوج (أولاد الحجّ سلّام (القصار والفريجات وابن سليم والدراوشة والمشاوخ والحراربة والربابحة) وابن عياد والعودات والقاضي والتماغطة والسوالمة واللعايبة) والمطيرات والروسة والعواشرة والعنازين والخضرة والسدادنة والربايعة والسماحات والخضرة والوقيات (البراهمة (الزلاطة والمعاليين والمراعية والعوايدة) والهواشلة (المراحلة وأولاد عالي) والجماعين (البريصي والعكفان والعرجان والزغيبيين) والجرابعة.
ومن عشائر الأحيوات كذلك: الخواطرة والخلايفة والقريّات والدراملة والهواشلة وبيت رخيتة بالعراق.
كما يوصف الأحيوات بعدة صفات جميلة تدلل على شجاعتهم وقوتهم؛ فقيل عنهم : ” الأحيوات طعّامة العيش, ضرّابة السيف, نهّابة الإبل” ؛ وقيل عنهم : “أهل الرِّكاب … قصيرين الثياب “.
أماكن الأحيوات في سيناء :
ذكر العقيد بحرى إسلام توفيق، والباحث العسكرى عبده مباشر تجمعات قبيلة الأحيوات والمساعيد الرئيسة فى سيناء، يقول الأخير: تقع تجمعاتهم فى جبل المغارة، الجفجافة، سر الحقيب “الأحيقبة ” ، عين سدر ، جبل بضيع ، بئر التمد ، نخل ، جبل أم خشيب ، جبل الجدى ، جبل سحابة “غرب جبل أم لاطية” ، وجنوب جبل حماير ، وجبل العرف ، والكنتلة ، ورأس النقب.
ويؤكد ذلك المؤرخ راشد الأحيوى المسعودى؛ كما ينتشر الأحيوات في ربوع ومحافظات الديار المصرية كذلك .
وقرى الأحيوات هي : الثمد والجدي والجفجافة ورأس النقب وأبو رصاصة والريد وبيرجريّد والكُنْتِلِّة ومراخ .
ومن أبرز مشايخهم: الشيخ عيد فرّاج القصيّر شيخ الأحيوات، موسى أبو جودة ومحمد أبوقردود وسليم راضي أبومليقة وصالح سالم ابن مطر وعبدالله سيد بن هويشل وسويلم أبوغريقانة ومشهور أبوعوض ابن مطير وسلامة الكبيش.
ومن أبرز أعيانهم في مصر : علي فريج عضو مجلس الشورى السابق؛ وعطية أبو قردود عضو مجلس الشعب السابق؛ جازي سعد عضو مجلس الشعب الحالي؛ كامل مطر رئيس مجلس القبائل والعائلات المصريّة.
الأحيوات في كتب الرَّحالة والمؤرخين العرب والأجانب :
تعتبر قبيلة الأحيوات من أقدم قبائل سيناء؛ ولقد جاء ذكرهم فى الكثير من كتب الرحالة والمؤرخين على مر العصور؛ فقال عنهم الباحث نعوم شقير فى كتابه ” تاريخ سيناء “: إن الأحيوات من بني عطيّة المساعيد المُنتسبين إلى مسعود بن هانئ، الذى شارك في بناء الكعبة.
وبنو عطيّة (أولاد عطيّة) هؤلاء من بدنات المساعيد .
ويضيف نعوم شقير: وأمّا عُربان المساعيد – الأحيوات – فهم أصحاب درك مبشر الحاج في العود منهم عتيّق بن مسعود بن دغيم وعيسى قريبه وعليّان بن مشور بن دغيم ولهم عن درك الباب والضبّة بخان عقبة أيلة قديماً سبعة وأربعون ديناراً ونصف دينار وهي مستمرة الصرف إلى تاريخه، ثُمَّ قُرّر لمسعود بن دغيم في الأيّام المُظفريّة إنعاماً عليه من غير درك خمسون ديناراً واستمرّت بيد ولده من بعده وأعلم أن درك مبشر الحاج لهذه الطائفة فمتى جهّز أمير الركب مُبشَّره إلى القاهرة بالعود ولم يدفع لهم عادتهم ويُرضي خاطرهم على ذلك كان توجّهه على خطرٍ كبيرٍ، كما اتّفق ذلك مراراً عديدةً وعاد الجاويش وهو مسلوبٌ ومجروحٌ ولم يقدر على التوجّه منهم؛ وهذا يعني أنّ أولاد عطيّة الفرع المسعودي هو أصل الأحيوات.
وعن سبب تسمية الأحيوات المساعيد بهذا الاسم يذكر الباحثان أشرف العنانى؛ وراشد حمدان الأحيوى – عن نعوم شقير وغيره: إن جماعة من الأحيوات فرّت من الحرب الطاحنة التي دارت بين قبيلة المساعيد وبين قبيلة بني جرم في فلسطين؛ ثمّ عادت هذه الفرقة إلى البدع ؛ وقد أكد ذلك شقير حين قال: تفرق المساعيد إلى ثلاثة فرق : فرقةٌ ذهبت جنوباً بشرقٍ فسكنت وادي اللِّيف في البدع من أعمال الحجاز على نحو خمسين ميلاً من العقبة وتخلّف من هذه الفرقة قومٌ في وادي الجرافي ففرغ زادهم فأخذوا يقتاتون بنبت الحُوّيّ فسُمّوا الأحيوات وكبيرهم إذ ذاك سعد صادق الوعد؛ وكان تخلفهم بسبب وفاة معلّى المسعودي هناك وهكذا نشأ مُسمّى الأحيوات وأنجب معلّى الأمير سليمان المنطار جدّ أمراء المساعيد في فلسطين وعلي الذي أنجب سعد صادق الوعد وهو وأبناء عمومته الذين تخلّفوا في الجرافي وأكلوا الحِوّي أجداد الأحيوات؛ كما اختلطت تسميات المساعيد في القرن العاشر للهجرة، فهم يلقبون باسم الأحيوات تارةً؛ وباسم المساعيد تارة أخرى؛ كما كانت ديارهم في نواحي العقبة إلى شرفة بني عطيّة على نحو 80 جنوب شرق العقبة ؛ وفى ذلك يقول المؤرخ الجزيري: الأحيوات منهم أولاد أبو سنينة أصحاب درك الدلالة على المياه والأحطاب من عقبة أيلة إلى شرفة بني عطيّة ولهم مُقرّر قديم من الخزائن السلطانيّة عشرة دنانير.
كما ذكرهم ” بيركهارت” في رحلته عام 1812 فيقول: “وعرب الأحيوات يُلقّبون أنفسهم بأسياد العقبة والنِخِل؛ ويبتزّون سنويّاً من الباشا مبالغ معيّنة للسماح له بإشغالها.
كما تحدث عن الأحيوات الكاتب الفرنسي جوزيف ماري جوسان (أنطون جوسان ) أحد أهم الرحالة الذين جالوا في منطقة جنوبي بلاد الشام وسيناء بين أعوام : 1902 ــ1906م؛وقد سجل مشاهداته في هذه المنطقة في كتابه: “العادات العربية في بلاد مؤاب” يقول: يمتلك اللحيوات 600 جمل للغزو ؛ وهم يحتفلون بحملاتهم العسكرية وقطع الطرق.
وتمتد أراضيهم من نخل إلى العقبة وتسمح كذلك بتسهيل الغارات عبر الحدود إلى العربة؛ وهم يتألفون من عدة فصائل والتي تعترف جميعها على الأقل في علاقاتهم مع الحكومة بسلطة علي سليمان نجم ؛ حيث يمتلك “القصار” وقائدهم علي سليمان نجم 100 جمل؛ و المطور وقائدهم يوسف بن صبح150 جملاً؛ كما يمتلك الحمدات وقائدهم مسمح الكبيش150 جملا, الغراقين وقائدهم عليان بن فراج60 جملا؛ الخواطرة وقائدهم سليمان الخليفي 80 جملاً، الخناطلة وقائدهم ضيف الله سالم 60 جملاً، الصفايحة وقائدهم سلام سلمان 120 جملاً.
وتعتبر نصوص الرحالة السويسري جون لويس بيركهارت عن قبائل سيناء وجوارها من النصوص الهامّة في معرفة أوضاع القبائل وأحوالها في القرن التاسع عشر.