الحريديم: بين التقاليد العريقة وتحديات العصر الحديث
الحريديم هم مجموعة من اليهود الأرثوذكس المحافظين جدًا، ويُعرفون بتقواهم وتمسكهم بالتقاليد الدينية الصارمة. يُشكلون نسبة ملحوظة من سكان إسرائيل، حيث يُقدر أنهم يمثلون حوالي 13% من السكان، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة مع مرور الوقت بسبب معدلات المواليد العالية في مجتمعاتهم. يعيشون بشكل رئيسي في إسرائيل والولايات المتحدة، بالإضافة إلى وجودهم في بعض الدول الأوروبية.
من هم الحريديم
تأسست الطائفة الحريدية، المعروفة أيضًا بـ”الخائفين من الله”، على أساس دراسة التوراة والتمسك بالقيم الدينية في وجه التغيرات الثقافية والاجتماعية. خلال فترة التحولات الثقافية في أوروبا، ومع تزايد تأثير الثقافة الغربية وتحول بعض اليهود نحو المسيحية، نشأت داخل الحريديم فروع متعددة، بما في ذلك حركة الحسيديم، التي ظهرت كحركة روحانية في القرن التاسع عشر وجذبت الآلاف من اليهود في أوروبا الشرقية، خاصة في بولندا وروسيا البيضاء وأوكرانيا ورومانيا.
تاريخيًا، كان للحريديم موقف معارض للتجنيد العسكري، وهو موقف استمر حتى بعد تأسيس دولة إسرائيل. “ديفيد بن غوريون”، مؤسس إسرائيل، أصدر قرارًا بإعفاء عدد من الحريديم من الخدمة العسكرية ليتفرغوا للدراسة الدينية، وهو ما يُعتبر بداية للعلاقة المعقدة بين الحريديم والدولة.
في السبعينيات، حدث تغيير ملحوظ عندما وقع الحاخام “إسحق مئير ليفين” على وثيقة تأسيس إسرائيل، مما مثّل اعترافًا رسميًا بالدولة من قبل الحريديم ودخولهم في الحياة السياسية. تبع ذلك تغيير في السياسة الإسرائيلية تجاه الحريديم، حيث بدأ “مناحيم بيغن” بتقريبهم إلى الحكومة وزيادة الميزانيات المخصصة لهم.
مع مرور الوقت، ظهرت مجموعة جديدة تُعرف بـ”الحريديم العصريون”، الذين يسعون للموازنة بين الحفاظ على هويتهم الدينية والمشاركة في الحياة العصرية، بما في ذلك السياسة والخدمة العسكرية. وقد أدى هذا التطور إلى ظهور “الحردليم”، وهم مجموعة تجمع بين التدين الحريدي والقومية، وتسعى للانخراط في الجيش وتعزيز نفوذهم.



