من قاضي عادي إلى وزير العدالة: قصة يحيى إبراهيم باشا في خدمة الوطن
ولد يحيى إبراهيم في عام 1861 في بلدة بهبشين بمحافظة بني سويف، حيث انتقل إلى القاهرة لتلقي التعليم في مدرسة الأقباط الكبرى. تخرج من مدرسة الحقوق في عام 1880. بدأ مسيرته المهنية كمدرس ثم وكيل لمدرسة الحقوق، حيث برزت كفاءته واستمراريته في تحقيق نجاح ملحوظ.
تقلد يحيى إبراهيم مناصب عديدة في القضاء، حيث كان قاضيًا في الإسكندرية ورئيسًا لمحكمة بني سويف. ترقى في المسار القضائي حتى أصبح نائب مستشار بمحكمة الاستئناف.
عام 1905، تولى رئاسة محكمة جنايات طنطا، وكما اشتهر بنزاهته واستقامته. عام 1919، أصبح وزيرًا للمعارف في حكومة يوسف وهبة باشا، وله دور بارز في تعزيز التعليم ومحو الأمية بين العمال.
عندما قام “يوسف وهبة باشا” بتشكيل وزارته الأولي (20 نوفمبر 1919-21 مايو 1920)، اختار يحيى إبراهيم باشا وزيرًا للمعارف. ثم عين في نفس المنصب في وزارة “محمد توفيق نسيم باشا” الثانية (30 نوفمبر 1922-9 فبراير 1923). وقد اهتم أثناء عمله بوزارة المعارف بمحو أمية العمال، ونشر الثقافة بينهم، وافتتح في عهده (22) قسمًا ليليًا لتعليم العمال في مناطق مختلفة من البلاد.
إسناد تشكيل الوزارة
يحيى إبراهيم رئيسًا للوزراء: عقب تقديم حكومة محمد توفيق نسيم استقالتها ظلت البلاد بدون وزارة لمدة شهر. إلى تم إسناد تشكيل الوزارة إلى يحيى إبراهيم باشا، فتولى رئاسة الوزارة بالإضافة إلى منصب وزير الداخلية في الوزارة التي قام بتشكيلها في (15 مارس 1923-27 يناير 1924). وتولي فيها أيضا وزارة العدل بالنيابة (18 نوفمبر 1923). ونظرًا لحنكته القانونية أطلق عليه لقب “شيخ القضاة”، وأطلق على وزارته اسم وزارة القوانين لكثرة ما أصدرته من قوانين.
فكان من أهم أعمال وزارته، الإفراج عن الزعيم “سعد زغلول” بعد اقل من أسبوعين من توليه الوزارة، وكذلك المعتقلين في مصر، ثم المحكوم عليهم من أعضاء الوفد والمعتقلين منهم في سيشل. كما ألغيت الأحكام العرفية. ويعتبر إصدار الدستور في 19 من ابريل عام 1923، أهم أعمال وزارته، هذا بالإضافة إلى أنه سن قانون الانتخابات وأجريت الانتخابات في نزاهة.
كان رئيساً لحزب الاتحاد، وهو حزب أنشئ لمساندة القصر عام 1925. كما عين عضوًا بمجلس الشيوخ في العام نفسه (1925). اضطلع بمهام منصب وزير المالية في وزارة “أحمد زيور باشا” الثانية (13 مارس 1925-7 يونية 1926). وتولي الرئاسة والخارجية بالنيابة في هذه الوزارة (3 مايو 1925). كما تولى رئاسة مجلس الشيوخ خلال الفترة (15 يونية 1931-30 نوفمبر 1934). له كتاب باسم “القطع المنتخبة”، طبع منه جزآن في مطبعة بولاق عام 1893م جمع فيه ما يختص بأمور القضاء وتاريخه.
في عام 1923، تولى رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية، وكان له دور بارز في الإفراج عن سعد زغلول والمعتقلين السياسيين، إضافة إلى إصدار الدستور في عام 1923. أثناء فترته كوزير للمالية ورئيس لمجلس الشيوخ، أظهر يحيى إبراهيم قدراته الاقتصادية والقانونية.
توفي يحيى إبراهيم في عام 1936، تاركًا وراءه إرثًا من النزاهة والعطاء لمصر، حيث كان قائدًا محترمًا وشخصية بارزة في التاريخ المصر